2025.07.17
حوارات
أمريكا تُفاوض أنصار الله!.. نهاية الغطرسة العسكرية الغربية في البحر الأحمر

أمريكا تُفاوض أنصار الله!.. نهاية الغطرسة العسكرية الغربية في البحر الأحمر


إن القراءة الدقيقة لتطور التوازنات الجيوسياسية الحالية تكشف أنه من الصعب الآن فصل الديناميكيات السياسية العالمية عن التحولات العميقة في المجال العسكري، فظهور قوى تكنولوجية جديدة، وخاصة في مجال الأسلحة الدقيقة، يعيد تعريف توازن القوى ويحدد معالم النظام الدولي الجديد.

وفي هذا الصدد، يشير الباحث إلى ما يكشفه حدثان وقعا مؤخراً عن الكثير من أوجه التغير الحاصل في النظام الدولي: من ناحية، الاتفاق بين الولايات المتحدة والحوثيين في اليمن، ومن ناحية أخرى، الوقف السريع للأعمال العسكرية بين الهند وباكستان. وهاتان الحالتان، كما يرى الباحث "ليستا مجرد حوادث معزولة"، بل "تعكسان إعادة تشكيل استراتيجية ذات آثار ملموسة".

الحالة الأولى تستحق الاهتمام، يقول الباحث إن الإدارة الأمريكية، اضطرت، عبر وساطة سلطنة عمان، إلى التفاوض على وقف جزئي لإطلاق النار مع الحوثيين، ووافقت على الحد من هجماتها ضد البنية التحتية في اليمن، مقابل وقف الحوثيين لهجماتهم ضد سفنها. لكن هذه الهدنة، تستثني السفن "الإسرائيلية" والسفن الغربية. الباحث يصف هذا بأنه "قرار يشكك في أساس الوجود الأمريكي ذاته، والذي تبرّره حماية التجارة العالمية".

ويأتي هذا الانسحاب الاستراتيجي، على خلفية ما أظهرته جماعة أنصار الله والقوات اليمنية، من مقاومة ومرونة غير متوقعة، من خلال تحييد العديد من الطائرات بدون طيار MQ-9 Reaper التي تُعتبر رائدة في سلاح الجو للولايات المتحدة. ومن ثم إجبار القوات البحرية الأمريكية، على إعادة تموضع سفنها بعيداً عن السواحل اليمنية. يضيف المحلل أن "أنظمة الدفاع الغربية، تواجه الآن صعوبة في مواجهة الصواريخ اليمنية الأسرع من الصوت، التي وصل أحدها إلى قلب الكيان الغاصب، وهو ما يوضح تحولاً في البنية العسكرية العالمية".

وفي الوقت نفسه، فإن تدخل واشنطن لنزع فتيل المواجهة الهندية-الباكستانية، على الرغم من أن العقيدة الغربية، شجعت على استراتيجية الضغط على إسلام آباد، لكسر تحالفها العسكري مع بكين وأنقرة، وهو الأمر الذي يكشف، كما يرى الدكتور الكشتول، "عن حسابات أكثر تعقيداً". ومع ذلك، تكبدت الهند، المدعومة غربياً، خسائر مادية كبيرة، بما في ذلك تدمير طائرات "إسرائيلية" بدون طيار، ومقاتلات رافال واحدة على الأقل، بواسطة طائرات صينية مجهزة بصواريخ.

هذه النكسات ليست عبارة عن قصص عابرة، يقول الباحث، بل يجب أن "يتم تفسيرها على أنها إشارات تحذيرية لصناعة الدفاع الغربية"، التي تواجه الظهور المتسارع "لقطب عسكري تكنولوجي آسيوي"، يعتمد على الحرب الإلكترونية، والدقة الباليستية، وزيادة القدرة على التكيّف التكتيكي.

وهكذا، في تحليل الباحث، "فإن المشهد الأمني العالمي يعيد تشكيل نفسه: فبلدان الجنوب، التي تواجه قيوداً على الميزانية، وتضخيم ديونها من خلال المؤسسات المالية الغربية، تعيد تقييم شراكاتها في مجال التسلّح"، وتندفع نحو التحرر من الهيمنة الغربية.

في سعيها للتحرر من التبعية النيوكولونيالية، "تميل دول الجنوب الكبير، إلى تفضيل الموردين غير الغربيين، الأقل تكلفة، والأكثر قدرة على المنافسة، من الناحية التكنولوجية، والأقل إلزاماً سياسياً". يختتم الدكتور الكشتول بالقول إن عملية "إعادة التنظيم الاستراتيجية، هذه تمثل جزءاً من عصر تعمل فيه القوة العسكرية تدريجياً، على قمع القانون الدولي باعتباره أداة لتنظيم الصراعات". والدليل هو تراجع الهند وباكستان، عن مجمل الاتفاقيات التي حكمت مسار علاقاتهما الدبلوماسية، وأيضاً التعنّت "الإسرائيلي" في تجويع سكان غزة، وإعمال العنف العسكري ضد المدنيين، بالإضافة إلى التحدي الصارخ، في رفض تطبيق أي قرار دولي.

يتصفحون الآن
أخر الأخبار