الدكتور “محمد رضا زائري” أكاديمي مُتخصِّصٌ في الإعلام الديني والفلسفة الإسلامية والعلاقات (الإسلامية – المسيحية). وهو كاتب وأديب متميّز له أكثر من ثلاثين مُؤلَّفًا في الأدب والترجمة والكتابة الإبداعية والسّردية، تُرجِم بعضها إلى اللغات الأجنبية: الإنجليزية والفرنسية. وهو إعلاميٌّ بارز تجاوزَت مسيرتُه الإعلامية ربع قرنٍ، أسّس خلالها دوريات ومجلاّت، وشغل رئاسة تحرير جرائد منها “همشهري” وهي أكبر جريدة في العالم باللغة الفارسية. إضافة إلى نشاطاته وأعماله في المجالات الثقافية والفنية والإنتاج السينمائي والتلفزيوني. وله أيضًا نشاطٌ كبير في مجال النشر، حيث أنشأ مؤسسة إعلامية مستقلة يَصدر عنها مجلة شهرية ما زالت مُستمرّة في صدورها منذ 23 عاما.
وهذه المساحة: “بحثًا عن الجيم”، تجربةٌ إبداعية أخرى يخوضها الدكتور “محمد رضا زائري” على صفحات جريدة “الأيام نيوز”، يُوثّق من خلالها وجودَه مُستشارًا ثقافيا لإيران في الجزائر.
الأسماء الإيرانية والأسماء الجزائرية!
الاسم هو سمة من سمات كل ثقافة وكل منطقة جغرافية، ويحمل في طيّاته الكثير من المعاني والرموز التاريخية والعقائدية والاجتماعية. ولكل بلدٍ أسماؤه، منها ما يُطلق على الذكور ومنها ما يُطلق على الإناث، وقد لا يكون للاسم الواحد المعنى نفسه من بلد إلى آخر، بل قد تتعارض معاني بعض الأسماء إلى درجة التنافر، أو قد تُحيل إلى معانٍ سيئة في مجتمع دون آخر.
عندما قدمتُ إلى الجزائر، وجدتُ أن بعض الأسماء أو الألقاب متطابقة جدًّا مع تلك الموجودة في إيران. وعلى العكس من ذلك، كانت هناك أسماء أو ألقاب بدت غريبة جدًّا بالنسبة لي.
قبل عدّة سنوات، عندما سمعتُ باسم المفكر الكبير "مالك بن نبي" وقرأتُ كتابًا عنه – علمًا بأن فكر "مالك بن نبي" يُدرَّس على نطاق واسع في الجامعات الإيرانية – استغربتُ من لقبه، وكنتُ أتساءل: كيف تجرّأ والده على أن يدّعي النبوّة؟ حتى يكون هو "ابن نبي"؟!
وخلال إقامتي في الجزائر، واجهتُ صعوبة في التواصل مع بعض الأشخاص، إذ لم أكن أعرف كيف أناديهم، فكنت أرتبك في تقديم الاسم على اللقب أو العكس. فعلى سبيل المثال، كنت أسمع عن شخص يُشار إليه مرة بـ"أحمد. م"، ومرة أخرى بـ"م. أحمد"، ثم أدركتُ أن لهذا الأسلوب جذورًا تاريخية وثقافية.
وقد أدى هذا الالتباس إلى أنني راسلتُ أحد الأساتذة الجامعيين معتقدًا أنه امرأة، ليتبين لاحقًا أنه رجل، وكان السبب أن لقبه يحمل اسم امرأة. وفي موقف آخر، خاطبتُ سيدة محترمة بـ"الأستاذ فلان"، لأكتشف لاحقًا أنها "الأستاذة فلانة"، وكان السبب أن اسمها يُطلق على الرجال في إيران.
وهكذا هو حال بعض الأسماء مثل: "عصمة" و"أكرم"، فهي تُطلق في إيران عادة على النساء، بينما تُستخدم في الجزائر للرجال أيضًا.
في البداية، بدت لي العديد من الأسماء والألقاب مثل "هواري"، و"بلعمري"، و"بن خدة" غريبة وغير مألوفة، بخلاف أسماء أخرى ظننتها إيرانية تمامًا! فمثلاً، المجاهدة "زهرة ظريف" ذكّرتني بالدكتور "محمد جواد ظريف"، وزير الخارجية الإيراني السابق. وكذلك الأستاذ "سعيد نفيسي"، النائب في البرلمان وعضو لجنة الصداقة البرلمانية الإيرانية-الجزائرية، يحمل اسم أحد أبرز الكتّاب والباحثين في إيران.
وينطبق الأمر نفسه على الشيخ "أحمد إبراهيمي"، رئيس جمعية "البركة"، إذ إن اسمه ولقبه شائعان في إيران، وكذلك الأستاذ "محمد قاضي"، العضو في جمعية "الإرشاد والإصلاح"، والذي يشترك في الاسم مع أشهر مترجم إيراني.
أما الدكتورة "فاطمة سعيدي"، الطبيبة الجزائرية المبتكرة، أو "مهدي رمضاني"، الممثل والسينمائي، أو الكاتب "مسعود قادري"؛ فجميعهم يحملون أسماء وألقابًا مألوفة أيضًا في المجتمع الإيراني.
ومع مرور الوقت، بدأتُ أتعرف شيئًا فشيئًا على الأسماء والألقاب في الجزائر. واليوم، أصبحتُ أتريّث قليلًا قبل مراسلة من لا أعرفهم، حتى لا أقع في خطأ الخلط بين الاسم واللقب!