حذّرت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان من خطورة الأوضاع الإنسانية والأمنية في مدينة الفاشر بشمال دارفور، عقب تقارير عن هجمات واسعة شنتها قوات الدعم السريع على المدينة المحاصرة ومخيم أبو شوك للنازحين المجاور لها.
وقال المتحدث باسم المفوضية، جيريمي لورانس، خلال مؤتمر صحفي في جنيف، الجمعة، إن الهجمات "غير مقبولة ويجب أن تتوقف فوراً"، مشيراً إلى أنها أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 89 مدنياً خلال عشرة أيام حتى 20 أوت، وسط مخاوف من أن يكون العدد الفعلي للضحايا أعلى من ذلك.
وأوضح لورانس أن بين القتلى 16 شخصاً على الأقل تعرضوا لعمليات إعدام بإجراءات موجزة، معظمهم في مخيم أبو شوك وينتمون إلى قبيلة الزغاوة، مضيفاً أن حادثة أخرى في الفاشر أظهرت أن أحد الضحايا قُتل بعد أن كشف عن انتمائه لقبيلة البرتي. واعتبر المتحدث أن هذا النمط من الهجمات على أساس عرقي "يشكل انتهاكاً جسيماً للقانون الدولي الإنساني ويعمق المخاوف بشأن تصاعد العنف ذي الدوافع العرقية.
وأشار إلى أن الوضع في الفاشر وصل إلى "نقطة حرجة" بعد أكثر من عام من الحصار، وسط خطر متزايد من المجاعة في المدينة ومناطق أخرى بشمال دارفور، لافتاً إلى ورود تقارير عن استهداف متكرر لمن يحاولون إيصال المساعدات الإنسانية.
وأكد المتحدث أن العاملين في المجال الإنساني والمساعدات الإنسانية يتمتعون بحماية صريحة بموجب القانون الدولي الإنساني، وأن استهدافهم لا يؤدي إلا إلى "تفاقم وضع حقوق الإنسان للمدنيين".
كما نقل لورانس دعوة المفوض السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، إلى جميع أطراف النزاع لاتخاذ تدابير ملموسة وفورية لضمان حماية المدنيين، بما في ذلك توفير ممرات آمنة للراغبين في مغادرة المناطق المتضررة، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى المحتاجين.
وفي المقابل، صرح ياسين عمر حسن عمر، عضو اتحاد الصحفيين السودانيين ورئيس تحرير موقع "الرائد نيوز" للأيام نيوز ، إن على المنظمة الدولية "أن تسمي الأشياء بمسمياتها"، مشيراً إلى أن قوات الدعم السريع أو "الجنجويد" كما يصفها ارتكبت "انتهاكات جسيمة وجرائم موثقة بالصوت والصورة".

وأضاف أن الهجوم الأخير على مدينة الفاشر يُعد رقم 230 منذ اندلاع الحرب، موضحاً أن الجيش السوداني مدعوماً بالقوات المشتركة والمواطنين المستنفرين تمكّن من صدّه، بينما "تكتفي الأمم المتحدة بتكرار دعواتها لضبط النفس والسماح بدخول المساعدات، من دون طرح آلية واضحة لوقف إطلاق النار".
وفي تعليق على بيان الأمم المتحدة الأخير بشأن الأوضاع في الفاشر، اعتبر المستشار الدبلوماسي السوداني أحمد علي عبدالقادر، في حديثه لصحيفة الأيام نيوز، أن المنظمة الدولية "اكتشفت المأساة السودانية متأخرة"، مشيراً إلى أن بياناتها أصبحت "مجرد تحذيرات روتينية تُقرأ من جنيف لتغطية عجزها عن الفعل". وقال إن المأساة في الفاشر "ليست حدثاً طارئاً بل امتداد لمسلسل دموي ارتكبته قوات الدعم السريع بممارسات وُصفت بالقتل على الهوية والتطهير العرقي"، مضيفاً أن المجتمع الدولي ما زال يتعامل مع الأزمة كـ"ملف ثانوي".

وختم بالتأكيد على أن السودان "لا يحتاج إلى بيانات باهتة، بل إلى موقف حاسم يوقف الجرائم ويُحاصر المسؤولين عنها أمام العدالة الدولية".