2025.07.17
حوارات
الجزائر تفكك فخاخ الأعداء.. كلمة سر شيفرتها قوة التناغم

الجزائر تفكك فخاخ الأعداء.. كلمة سر شيفرتها قوة التناغم


يؤكد أستاذ علوم الإعلام والاتصال عبد الحكيم بوغرارة، في تصريح لـ "الأيام نيوز"، أن الإعلام الوطني يؤدي دورًا مهمًا جدًا في تشكيل الرأي العام، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالقضايا العادلة التي تتطابق مع مواثيق الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، مثل القضية الفلسطينية، القضية الصحراوية، ومكافحة الإرهاب. ويبرز أن أداء الإعلام الجزائري على المستوى الدولي يُعد جيدًا وفعّالًا، بالنظر إلى انسجامه مع المواقف الرسمية للدولة الجزائرية، ما يعكس صورة واضحة ومتماسكة أمام المجتمع الدولي ويُكرّس مصداقية الخطاب الإعلامي الجزائري في الفضاء الخارجي.

ويضيف بوغرارة أن هذا التقاطع الإيجابي بين الدبلوماسية الجزائرية والإعلام الوطني أسهم في خلق رأي عام داخلي متماهٍ مع السلطة في مواقفها تجاه القضايا الوطنية والدولية الكبرى. وقد ساهم هذا الانسجام في الدفاع عن مصالح الأمة، ومواجهة المؤامرات الخارجية التي تستهدف سياسات الدولة الجزائرية ووحدتها، بل وحتى استقرار المجتمع وتماسكه المرجعي والرمزي. وبذلك، أصبح الإعلام الوطني شريكًا فعليًا في رسم ملامح الوعي الجمعي والدفاع عن الثوابت الوطنية.

ويرى بوغرارة أن هذه العلاقة التفاعلية بين الإعلام والدولة مكّنت من إحباط العديد من محاولات التشويش الخارجي، سواء عبر حملات التضليل على مواقع التواصل الاجتماعي أو من خلال استهداف الجبهة الداخلية بطرق ناعمة. وهو ما جعل الإعلام الجزائري أداة فاعلة في تعزيز التماسك المجتمعي، وتحويله إلى سد منيع أمام كل من يحاول اختراق الرأي العام الوطني أو زعزعة الثقة بين المواطن ومؤسسات دولته.

انسجام الخطاب الإعلامي والدبلوماسي... بوابة لبناء الثقة

وفي هذا السياق، يوضح بوغرارة أن التفاعل القوي للرأي العام الجزائري مع المواقف الرسمية كان ثمرة تقاطع فعلي بين أداء الإعلام الوطني والخط الدبلوماسي الجزائري. فقد أصبحت القضايا العادلة، مثل القضية الفلسطينية أو الصحراوية، محل إجماع داخلي يعكس مدى التماهي بين المواطنين ومؤسسات الدولة، وهو ما يُعزز مناعة الجبهة الداخلية ويجعلها أقل عرضة للتشكيك أو التلاعب بالمواقف. هذا التماهي يشكل، بحسبه، حجر الزاوية في تكريس الثقة بين الإعلام والجمهور.

كما يشير إلى أن هذا الانسجام امتد من القضايا الخارجية ليشمل الملفات الاقتصادية والاجتماعية والتنموية، حيث وجد الرأي العام في الإعلام الوطني صدىً لتطلعاته، وفي مواقفه تعبيرًا عن الانشغالات الجماعية الكبرى، ما عزّز الثقة بالمؤسسات وساهم في رفع منسوب الحصانة المجتمعية. ويؤكد أن هذه الديناميكية الإعلامية الواعية بدورها الوطني تحوّلت إلى آلية دفاعية فعالة ضد حملات التثبيط والتفكيك الممنهجة.

وانطلاقًا من هذه المعطيات، يرى بوغرارة أن مساهمة الإعلام الوطني في الدفاع عن الثوابت والهوية هي التزام استراتيجي يُسهم في صيانة الأمن الوطني وحماية المرجعيات التي تشكل الذاكرة الجماعية للمجتمع الجزائري. ويشدّد في هذا الصدد على أن الإعلام، من موقعه، كان حاسمًا في تجنيب الرأي العام فخاخ التضليل والانجرار وراء سرديات أجنبية معادية، ما يجعل دوره في تشكيل الوعي الوطني أكثر أهمية من أي وقت مضى.

حرب نفسية رقمية... والإعلام الوطني في مواجهة الترسانة الدعائية

وإذا كان الإعلام الوطني، وفق رؤية الأستاذ عبد الحكيم بوغرارة، قد حقق حضورًا مشرفًا في القضايا العادلة والتماهي مع الدبلوماسية الرسمية، فإن التحدي الأكبر اليوم يتمثل في قدرته على الصمود أمام الترسانة الدعائية الضخمة التي توظفها القوى الغربية والصهيونية. يشير بوغرارة إلى أن هذه المنظومة الإعلامية تمتلك ميزانيات بمليارات الدولارات، وتستعين بجيش من الذباب الإلكتروني، ووسائل ضغط نفسي رهيبة، تستهدف الدول والشعوب على حد سواء، من خلال نشر أخبار كاذبة، وتضخيم السلبيات، واستهداف المعنويات في صميمها.

ويُبرز أن هذه الحرب الإعلامية التي تشنها قنوات وأطراف مدعومة من مصالح خارجية، تعتمد على منظومات متكاملة من التضليل والإرباك، مستهدفة الأمن النفسي والمعنوي للشعوب، بما في ذلك الجزائر. ويوضح أن تأثير هذه الحملات كان ملموسًا في العديد من الدول العربية والإسلامية، حيث خلّفت حالة من الانهيار النفسي، مستشهدًا بحالة الفلسطينيين الذين وُجهوا بدعاية سوداء تحاول دفعهم إلى التيئيس والهروب من أرضهم، غير أن صمودهم أفشل تلك المحاولات رغم شراستها.

وفي هذا الإطار، يرى بوغرارة أن الجزائر، بحكم تمرسها في مواجهة مثل هذه الأزمات، أظهرت قدرة لافتة على التصدي لهذه الهجمات الإعلامية المركبة. إلا أنه يُحذر في الوقت نفسه من أن المعركة الإعلامية لم تعد بسيطة أو جزئية، وأضحت شاملة ومفتوحة على جبهات متعددة، وهو ما يفرض تعزيز أداء الإعلام الوطني وتوفير الإمكانيات الكفيلة بمواجهة هذه التحديات المتعاظمة، خاصة في ظل البيئة الرقمية التي تتسارع فيها وتيرة التضليل عبر المنصات الاجتماعية.

يتصفحون الآن
أخر الأخبار