2025.10.13
قصاصات لاجئة
الأسير المُحرَّر \

الأسير المُحرَّر "أسامة محمد علي أشقر" (14)


تُعرف الشاعرة الفلسطينية "نهى شحادة عودة" في المجتمع الأدبي العربي باسم "ياسمينة عكَّا"، أبصرت النور في مُخيّمات اللاجئين في لبنان ذات يوم مُندسٍّ بين أعوام ثمانينيات القرن الماضي، وتعود أصولها إلى قرية شعب في قضاء عكّا بفلسطين.. هي ناشطة ومناضلة من أجل الحفاظ على الثقافة والذاكرة الفلسطينية وضمان توريثها لأجيال اللاجئين.. نشرت رواية واحدة وعددا من الدواوين الشعرية، وخصّت جريدة "الأيام نيوز" بمجموعة من القصاصات التي أودع فيها الأسرى المُحرّرون الفلسطينيون بعض ذكرياتهم في رحلة العذاب..

سأحدّثكم عن السجن بعد 7 أكتوبر ودور الطائفة الدرزية في إدارة مصلحة السجون.

على مدار سنين طويلة، كان للمنتسبين إلى إدارة مصلحة السجون من أبناء الطائفة الدرزية دور كبير في القمع والتنكيل بالأسرى، وفي انتهاك حقوقهم وتعذيبهم. كان لهم دور واضح في البطش بالأسرى، قبل 7 أكتوبر.

أما بعد 7 أكتوبر، فقد حصل تحوّل نوعي وجذري كبير جدًا جدًا جدًا في تعامل الطائفة الدرزية مع الأسرى. تحديدًا بعد هذا التاريخ، أخذ أبناء الطائفة الدرزية على عاتقهم مهمة البطش بالأسرى، من تعذيب، وقتل، وتجويع، وممارسة كل أشكال الرذائل التي لا يتصورها عقل إنسان.

في سجن النقب، كان مدير السجن يُدعى يوسف إخنيفس، وهو من الطائفة الدرزية. لقد أجرم في حق الأسرى بطريقة يندى لها الجبين، وسقط شهداء في سجن النقب بعد أحداث 7 أكتوبر، على يد المنتسبين لإدارة سجون الاحتلال من أبناء الطائفة الدرزية.

هم يتصرفون كأنهم عصابات إجرامية، وعندما يحدث أيّ طارئ داخل السجن، تراهم يتجمعون ويتحركون ككتلة واحدة، كعائلات تابعة للطائفة، ويقومون بالإجرام والتنكيل بالأسرى، انتقامًا لأنفسهم، أو لطائفتهم، أو لعائلاتهم، وكأنهم عصابة منظّمة.

في سجن مجدو، كان المدير يُدعى مؤيد السبيتي، وهو أيضًا من الطائفة الدرزية. شهد هذا السجن مئات الجرائم بحق الأسرى الفلسطينيين: قتلوا الأسرى وهم مُعصوبو الأعين، وقتلوا الأسرى وهم مكبّلون، وقتلوا الأسرى وهم مرضى، مشلولون حركيًّا.

إن الطائفة الدرزية، منذ السابع من أكتوبر، أخذت على عاتقها تنفيذ الجرائم المباشرة بحق الأسرى، بصورة ممنهجة ومنظّمة، أمام مرأى العالم، وبغطاء من منظومة الاحتلال.

وكلّما كان المسؤول، أو ضابط الأمن، أو مدير السجن، أو نائبه، أو ضابط الاستخبارات من الطائفة الدرزية، كانت البشاعة أعظم، وكانت القبضة أشد، وكانت سياسة السجن بلا أي قوانين.

لشدة الأسى، لا يعترفون حتى بالقوانين التي تضعها حكومة الاحتلال نفسها، هم يتصرفون كعصابة منظمة. لا علاج، لا أدوية، ولا يلتزمون بتوفير وجبات الغذاء التي نصّت عليها أنظمة السجون، ولا يلتزمون بإخراج الأسرى إلى ساحة النزهة، ولا بأي قانون، حتى من قوانين الاحتلال نفسه.

في سجن عوفر، ارتُكبت جرائم قتل بحق عشرات الأسرى، من ضمنهم أسرى من غزّة. معظم الضباط كانوا من الطائفة الدرزية: ضابط الاستخبارات، ضابط الأمن، نائب مدير السجن... وأجرموا جميعًا.

كنا هناك، في سجن عوفر، في بداية الحرب، ورأينا الجرائم بأعيننا. رأينا الأسرى مُمدّدين في الممرات، ورأينا ثلاثة أسرى حاولوا الانتحار، أحدهم انتحر فعلاً، رحمه الله، وآخر حاول ولم يُفلح، وثالث كان يهدد بالانتحار وهم يواصلون ضربه.

كانوا يكسرون الأقسام فوق رؤوس الأسرى، وكانوا يتعاملون بوحشية لا يمكن وصفها. لقد تجاوزوا كل الخطوط الحمراء.

عندما كانت تحدث "قمعة"، أي اقتحامٌ للأقسام، وكانت تهاجم وحدات إدارة السجون الأسرى، كان الدروز في مقدمة المهاجمين. وحين كان يتدّخل أحد الجنود اليهود ليمنع الضرب أو السّحل أو التعري، كان الدروز أنفسهم يصدّونه.

الدروز هم أنفسهم من كانوا يقولون له: أنت لا تتدخل، هذا لا يعنيك، اترك الأمر لنا.

هم من كانوا يتولون كل الأعمال القذرة في داخل إدارة السجون، للأسف الشديد. الآن، هم منتشرون بكثافة داخل السجون، ويتولون رتبًا عالية في إدارة مصلحة السجون. هم قد لا يضعون السياسات العامة، لكنهم ينفذونها بوحشية مفرطة، وبلا تردد.

أنا أردتُ أن تكون هذه الحلقة مخصصة عن دور الطائفة الدرزية، لأنهم آذوا الأسرى بعمق، وتركوهم في مواجهة مباشرة مع أبشع أشكال الإذلال والانتهاك.

يتصفحون الآن
أخر الأخبار