تُعرف الشاعرة الفلسطينية "نهى شحادة عودة" في المجتمع الأدبي العربي باسم "ياسمينة عكَّا"، أبصرت النور في مُخيّمات اللاجئين في لبنان ذات يوم مُندسٍّ بين أعوام ثمانينيات القرن الماضي، وتعود أصولها إلى قرية شعب في قضاء عكّا بفلسطين.. هي ناشطة ومناضلة من أجل الحفاظ على الثقافة والذاكرة الفلسطينية وضمان توريثها لأجيال اللاجئين.. نشرت رواية واحدة وعددا من الدواوين الشعرية، وخصّت جريدة "الأيام نيوز" بمجموعة من القصاصات التي أودع فيها الأسرى المُحرّرون الفلسطينيون بعض ذكرياتهم في رحلة العذاب..
الآن نأتي إلى معركة التفتيشات، تحت حجة "الأمن". لا أحد يتخيّل، ولا أحد يصدق، ما هي الأمور الممنوعة على الأسرى. على سبيل المثال، نُسمّيها داخل سجون الاحتلال: معركة الكيس، معركة كيس البلاستيك، معركة المحارم، معركة الكرتون. إذا كان هناك أيّ شيء من شأنه أن يُريح الأسير - يعني، على سبيل المثال: لكي يرتاح الأسير، يضع تحت الفرشة قطعة كرتون، بسبب الرطوبة - فهذا ممنوع. يُعاقَب، وتُعاقب الغرفة كلها.
أما بالنسبة للخبز: عند توزيع الخبز، عليك أن تضعه في كيس حتى لا يجف، لكنهم يقومون بمنع هذه الأكياس، ويعطونك الخبز - عشر أو إحدى عشرة قطعة - كل يوم، بطريقة مُذلّة، مهينة. ممنوع وضعه في كيس. ممنوع، تحت حجة "الأمن". أمن، كل شيء أمن! أي شيء يجدونه في الزنزانة هو من المحرّمات، من الممنوعات، ومن "الأمن".
الآن، داخل الزنزانة، كل شيء محرّم، كل شيء ممنوع. وإلى غاية اليوم، زار المحامون الأسرى في سجون الاحتلال، فوجدوا أنهم لا يملكون سوى غيارين فقط، منذ عشرين شهرًا، لا يملكون سوى غيارين.
في سجون الاحتلال، لا يمتلك الأسرى سوى غيارين فقط. تخيّل: غياران فقط طوال عشرين شهرًا! أنت لا تملك سوى غيارين من الملابس الداخلية، بلوزتين، وبنطلونين. كيف يمكنك أن تعيش؟ كيف تغسل؟ كيف تعتني بنفسك؟ كيف تتعامل مع العدوى؟ كيف تواجه الأمراض؟ كيف؟ كيف؟ كيف؟ كيف؟ إنها مشكلة… مشكلة كبيرة، ومستمرة.
أما من جهة التفتيشات، فالطريقة التي تدخل بها قوات إدارة السجون - أو القوات المخوّلة - إلى غرف الأسرى، هي طريقة مليئة بالعربدة والبلطجة والضرب والإهانات والشتائم.
يقومون بطرح الأسرى أرضًا، يسحبونهم من السرير العلوي مباشرة إلى الأرض، يُكبّلونهم ويجبرونهم على الاستلقاء وجوههم إلى الأرض، وبطونهم على الأرض. يدوسون على أقدامهم، وأحيانًا يضربونهم، وأحيانًا يُجرّدونهم من ملابسهم بشكل مهين ومذل.

