2025.10.13
قصاصات لاجئة
الأسير المُحرَّر \

الأسير المُحرَّر "أسامة محمد علي أشقر" (10)


تُعرف الشاعرة الفلسطينية "نهى شحادة عودة" في المجتمع الأدبي العربي باسم "ياسمينة عكَّا"، أبصرت النور في مُخيّمات اللاجئين في لبنان ذات يوم مُندسٍّ بين أعوام ثمانينيات القرن الماضي، وتعود أصولها إلى قرية شعب في قضاء عكّا بفلسطين.. هي ناشطة ومناضلة من أجل الحفاظ على الثقافة والذاكرة الفلسطينية وضمان توريثها لأجيال اللاجئين.. نشرت رواية واحدة وعددا من الدواوين الشعرية، وخصّت جريدة "الأيام نيوز" بمجموعة من القصاصات التي أودع فيها الأسرى المُحرّرون الفلسطينيون بعض ذكرياتهم في رحلة العذاب..

تحدَّثنا عن الطعام بعد السابع من أكتوبر، واليوم سنتحدث عن إجراءات أخرى اتخذتها سجون الاحتلال ضد الأسرى. فقد حصل تغيّر نوعي وجذري في إدارة سجون الاحتلال، حيث اعتُبرت السجون "الساحة الرابعة" من ساحات المواجهة: غزة، الضفة، لبنان، والسجون. بهذا الشكل، أصبحت السجون جزءًا من الاستراتيجية الإسرائيلية، واعتُبرت ساحة معركة إضافية ضمن ما سمّته "إسرائيل" بـ "الحرب الوجودية".

ولهذا السبب، تعاونت إدارة السجون مع أجهزة الأمن التابعة للاحتلال، وعلى رأسها "الشاباك" (المخابرات العامة) والجيش، في محاولة لإخضاع الأسرى وكسر إرادتهم وعزيمتهم، عبر العديد من الإجراءات القمعية.

تحدثنا سابقًا عن سياسة التجويع، التي تُمارس كأسلوبٍ ممنهج ضد الأسرى. أما اليوم، فنُسلّط الضوء على سياسة أخطر بكثير: سياسة القتل البطيء، وهي تتجاوز مفهوم "الإهمال الطبي". فالأسرى الفلسطينيون داخل سجون الاحتلال، منذ أكثر من عشرين شهرًا - من السابع أكتوبر - لا يتلقّون أي نوع من الرعاية الطبية، مهما كانت حاجتهم بسيطة. كثير منهم يعانون أمراضًا مستعصية أو خطيرة، ولا يُقدَّم لهم شيء. وفي حالات متكررة، يطلب الأسير دواءً، فيُجاب بالرفض، وقد يُقابل ذلك بالضرب أو الشتائم.

أحيانًا، حين يطلب الأسير حبّة دواء، لا يحصل عليها. وإن حصل، تُعطى له حبّة "أكامول" (مسكّن بسيط) كعلاج لأمراض قد تكون معدية أو مزمنة.

في كل غرفة تضم 10 أو 11 أسيرًا، يُلقى لهم حبّة دواء واحدة فقط، صباحًا أو مساءً. وآلاف الأسرى يعانون أمراضًا جلدية دون تلقي أيّ علاج. ومئات الأسرى دخلوا السجن وهم مصابون بأمراض، ولم يُقدَّم لهم أي نوع من الرعاية، لا فحوصات ولا أدوية. والكثيرون بحاجة إلى عمليات جراحية، ومع ذلك لا تُجرى لهم أيّ عمليات. ومئات من أسرى قطاع غزّة، الذين أصيبوا أو بُترت أطرافهم، لم يُقدّم لهم أي علاج حقيقي.

بل إن ما يُسمّى "رحلة العلاج" ما هو إلا رحلة تعذيب إضافية، يُمارَس فيها الضغط النفسي والجسدي على الأسير، حتى يرفض العلاج ويطلب العودة إلى زنزانته.

هذه الجريمة الطبية المستمرة أودت بحياة عشرات الأسرى الفلسطينيين. منهم: وليد دقّة، خالد الشاويش، معتصم ردّاد (الذي استشهد في مصر، بعد معاناة طويلة داخل السجون، دون أن يتلقى أي رعاية). وهذا عدا عن عشرات الأسرى، خاصة من قطاع غزة، الذين تم قتلهم بشكل مباشر.

قضية العلاج في سجون الاحتلال هي قضية معقدة وخطيرة، وتستدعي الكثير من الحديث والبحث، لأن سلطات الاحتلال، بالتعاون مع عدد من المستشفيات الإسرائيلية، وبدعم من نقابة الأطباء الإسرائيلية، ما زالت تُمارس هذه الجريمة بحق الأسرى الفلسطينيين، من خلال حرمانهم من أيّ علاج حقيقي.

يتصفحون الآن
أخر الأخبار