2025.10.13
فسيفساء
بطاقتي نُبِذَتْ إليَّ قدرًا لا صُدفَةً

بطاقتي نُبِذَتْ إليَّ قدرًا لا صُدفَةً


في مساء الجمعة الموافق غرة رمضان 1441هـ وفي ظروف حظر التجوال الذي فرضه فيروس كورونا على العالم، حيث لزم الناس بيوتهم ليلا خوف انتشار العدوى، وخرجت بصحبة صغاري إلى أقرب ماكينة صرف من مسكني بدمنهور لصرف راتبي الشهري، وتحقيق رغبات الصغار في الشراء، ولكن الماكينة ابتلعت البطاقة (فيزا المرتب)، ولم أتمكن من إعادتها، فقد اكتشفت أنها معطلة، فعدت مبتئسًا، لأن إعادة البطاقة ستحتاج إجراءات قد تطول بعض الوقت، فاتصلت على بعض معارفي من موظفي البنك المختص لكن دون جدوى، وفي صبيحة السبت انتابني شعور جارف بأن البطاقة في انتظاري، ووجدت لساني يردد دون توقف: (اللهم كما نبذت يونس من بطن الحوت بالعراء فانبذ إليَّ بطاقتي) وذهبت إلى الماكينة وكأني حصلت على وعد بإعادتها، فوجدت موظف الصيانة عندها، وسألته عنها فأخرجها لي في لحظة، وعدت سعيدا مذهولا، ولم يعد أمر البطاقة يعنيني، قدر ما يعنيني استجابة الله عز وجل لدعائي، وأيقنت أنه سبحانه قد فتح لي طاقة نور، هي أهم وأغلى من كل بطاقة، ومن كل أموال الدنيا.

ذهبتُ عشيةً من قبْلِ حَظْرٍ ... إلى الصَّـرَّاف يصحبني صِغاري

فقدمتُ البطاقةَ أرتجيها ... تعود براتبي دونَ ازورارِ

ومِنْ حولي الصِّغارُ لهم أمانٍ ... وقد وقفوا مَلِيًّا بانتظارِ

نظرتُ إلى المكينةِ كي أراها ... تطالبني بأرقامٍ سِرَارِ

فلم تطلبْ ولم تسمحْ بِرُجْعَى ... وعَيَّتْ عن رجاءات الصِّغَارِ

وقالت شاشةٌ دكناءُ إني ... معطَّلَةٌ وجاءت باعتذارِ

وعدتُ مُحَمَّلا هَمًّا وغَمًّا ... وبِتُ الليلَ مبتئسًا بداري

وجاء الصبحُ صبحُ السبتِ يغدو ... بِهَمِّ الأمسِ منقوعَ المرارِ

فقد غدتِ المصارفُ مُقْفَلاتٍ ... سيبقى الهمُّ في طي اجترارِ

وأمسُ طلبتُ بعضَ الصحب  ممن ... لهم في البنك موفورُ اعتبارِ

فصُمُّوا عن نداءاتٍ توالتْ ... وآمالٍ تمادتْ في انهيارِ

ولكني بَصـُرْتُ بزحفِ مَدٍّ ... من الرحمن من غير انحسارِ

رأيت المدَّ يأتيني كغيثٍ ... تَوَالَى في ازديادٍ وانهمارِ

فلذت به وصرت أقول قولا ... كأني قد وصلت وباقتدارِ

إلى سرٍّ من الأسرار يمضـي ... فيطفئ ما تبقى من أوارِ

فقلت مناجيا ربا قديرا ... رحيما بالصغار وبالكبارِ

أعِدْها يا قديرُ ظلمتُ نفسـي ... كيونسَ بعد لأيٍ واحتيارِ

فليس سواكَ يقدر يا إلهي ... على رد المغيَّبِ  في المَغَارِ

غدوت إلى المكينة دون وعي ... كأني قد وُعِدْتُ بالانتصارِ

فألفيت الصيانة قد أتتها ... وألفيت البطاقة في انتظاري

فعدت بها سريعا نحو بيتي ... فَحَدِّثْ عن سروري وانبهاري

تضاءلَ كلُّ شيء في حياتي ... تضاءلتِ البطاقةُ والمصاري

إزاءَ النورِ مؤتلقًا بقلبي ... فلي سندٌ لتيهي أو عثاري

يتصفحون الآن
أخر الأخبار