2025.10.13
سياسة
اعتِقال نجل يوسف مؤسِّس بوكو حرام.. رسالة أمنيّة تتجاوز حدود تشاد

اعتِقال نجل يوسف مؤسِّس بوكو حرام.. رسالة أمنيّة تتجاوز حدود تشاد


كَشَفَت السلطاتُ التشاديّة عن عمليّةٍ أمنيّةٍ نُفِّذت قبل أشهر، أَسفَرَت عن توقيف ستّة أشخاصٍ يُشتبَهُ بانتمائهم إلى خليّةٍ إرهابيّة، من بينهم مُسلِم محمّد يوسف، نجل مؤسِّس جماعة بوكو حرام، محمّد يوسف. ورغم أنَّ الإعلان جاء مُتأخِّراً، إلّا أنَّ رمزيّته وأبعاده تتجاوز مجرّد اعتقال شابٍّ يَبلُغ من العمر 18 عاماً، ليَطرَح أسئلةً عميقة حول مستقبل الحركات الإرهابيّة في منطقة الساحل وحوض بحيرة تشاد.

ووفقَ مصادرَ نيجيريّة، فإنَّ الموقوف  المعروف أيضاً باسم عبد الرحمن محمّد عبد الله  كان يقود خليّةً على صلة مباشرة بتنظيم "داعش في غرب إفريقيا" (ISWAP)، وهو الفصيل الأكثر نشاطاً بعد انشقاقه عن بوكو حرام عام 2016. هذا المعطى يكشِف أنَّ التنظيم لا يكتفي بالتجنيد التقليدي، بل يستثمر أيضاً في الرمزيّة الأُسَريّة لقيادات الجيل الأوّل، لإضفاء شرعيّة جديدة على صفوفه.

مِن الناحية الجغرافيّة، تبقى منطقة بحيرة تشاد مسرحاً مثاليّاً لانتشار الإرهاب، بسبب تعقيد تضاريسها وتداخل حدودها بين أربع دول (تشاد، نيجيريا، النيجر، والكاميرون)، ما يجعلها فضاءً آمناً لإعادة التموضع وتبادل الدعم اللوجستي.

هذه الخصوصيّة تُفسِّر لماذا لم يُفلِح الضغط العسكريّ الإقليميّ بعدُ في القضاء على هذه التنظيمات، بل أدّى في كثيرٍ من الأحيان إلى إعادة تشكّلها في صورٍ أكثر مرونة.

الصَّمتُ الرسميّ من جانب الأجهزة الأمنيّة النيجيريّة، مُقابل التسريبات القادمة من تشاد، يطرَح بدوره دلالاتٍ مهمّة، فالتعاطي مع هذه القضيّة قد يرتبط بتوازناتٍ حسّاسة بين الدول الأربع المعنيّة، كما قد يعكس خشيةً من تضخيم "رمزيّة" الاعتقال على حساب المسار العمليّاتي الجاري ضدّ التنظيمات.

الأهمّ أنَّ اعتِقال نجل مؤسِّس بوكو حرام يُسلِّط الضوء على التحدّي الأعمق, انتقال الإرهاب من جيلٍ إلى جيل، حيث لم يَعُد الأمر مجرّد ظاهرة مرتبطة بالقيادات التاريخيّة، بل أصبح مشروعاً عابراً للأُسَر والجغرافيا معاً.

وهذا يفرِض إعادة النَّظر في السياسات الأمنيّة وحدَها، إذ لا يمكن لأيّ مقاربة عسكريّة أن تُوقِف "إرثاً" يتغذّى من التهميش الاجتماعيّ والفَراغ التنمويّ.

في المحصِّلة، لا يُمثِّل هذا الاعتِقال نهايةَ مسار، بل بدايةَ مرحلةٍ جديدة في فَهم ديناميّات التطرّف العنيف في الساحل. فالتنظيمات الإرهابيّة مثل بوكو حرام و"إيسواب"، لا تُهزَم باعتِقال الأفراد مهما كانت أسماؤهم لامعة، بل بتفكيك البيئات الحاضنة التي تجعل من شابٍّ في الثامنة عشرة قادراً على قيادة خليّة إرهابيّة عابرة للحدود.

يتصفحون الآن
أخر الأخبار