تتناول مسرحية «العازب» ـ للمخرج الجزائري «مولاي ملياني محمد مراد» والمقتبس نصها عن رواية «عازب حي المرجان» للروائية والشاعر «ربيعة جلطي» ـ جملة من الأسئلة الوجودية المتداخلة حول شخصية «الزبير كروفات» وهو أستاذ مصاب بشتى أنواع المخاوف، ما تسبّب في اهتزاز ذهني وعاطفي لديه، إلى حدّ أنه صار يكذب على الآخرين وعلى نفسه ليبرّر تهرّبه من الزواج.
هذه العقدة التي لازمت «الزبير» سرعان ما تطورت لتشلّ إرادته إزاء الزواج فتتشكل سلسلة مواقف متلاحقة ذات طابع كاريكاتوري، إذ اضطر هذا العاشق المنكسر إلى إخبار حبيبته «سكينة» ـ وهي فنانة تشكيلية ـ أن المنزل المفترض أن يعيش فيه معها احتلهّ الجن، وهكذا انخرط «الزبير» على الركح في حركات كوميدية راقصة ومتشنّجة جعلت الملهاة تغلب على المأساة في هذا العمل.
باقي الشخوص في المسرحية ومن بينهم «عباس تشي» (تشي غيفارا) صديق «كروفات» (crevette بالفرنسية: الجمبري بالعربية) و«السي قادة»، جدّه ـ الغائب الحاضر ـ والطبيب النفساني التي تشتغل معه مساعدة، هؤلاء جميعا أحاطوا بالفكرة الرئيسية التي تتحرك حولها المشاهد وليس الأحداث، كأنما المخرج تعمّد وضع لوحاته المتلاحقة لرصد شخصية «الزبير» من كل الزوايا مع فتح مجال التأويل إلى أبعد حد.
خلال كل مشاهد العرض يتّضح أن المخرج «مولاي ملياني مراد» تمرّد عن رواية الكاتبة ربيعة جلطي التي تم اقتباس النص المسرحي منها، ليعيد إنتاجه برؤية مسرحية كاملة بما يوحي أن الممثلين يرتجلون على الركح أكثر من كونهم يؤدّون عملا بعد التدرب عليه، مع العلم أن المخرج اعتمد على طاقات شابة قال عنها مراد سنوسي (مدير الإنتاج): لقط حاولنا من خلال هذه المسرحية "دعم وتشجيع الطاقات الإبداعية الشابة المحلية" بوهران عاصمة الغرب الجزائري.
أما الكاتبة جلطي فقد عبرت ـ في كلمة على مطوية المسرحية تم توزيعها قبل العرض أمسية الجمعة 30 ديسمبر 2022 ـ بأنها "سعيدة بأن تصعد شخصيات" روايتها "خشبة المسرح الغامرة بحرارة الحياة المتدفقة، فالركح الحي الناطق المنطق، توأم النص الروائي المتأمل في الوجود ومكوناته، ينفخ فيه فتتجلى الفرجة وشهوة الحكاية".
مسابقة أحسن نص مسرحي
وفي سياق هذه التظاهرة أعلنت محافظة المهرجان الوطني للمسرح المحترف، يوم السبت بالعاصمة الجزائرية، عن نتائج جائزة مسابقة الطبعة 15 لأحسن نص مسرحي، إذ توّجَ بها الروائي الشاعر والإعلامي أحمد عبد الكريم عن نصه الموسوم «ليلة ابن مقلة الأخيرة» الذي سيتم إنتاجه من طرف المسرح الوطني الجزائري محي الدين باشطارزي.
ونوهت لجنة التحكيم المكونة من: جروة علاوة وهبي، عمر فطموش، الشريف الأذرع، كنزة ميباركي، غربي عبد الكريم، والمقرر بوبكر سكيني، بنص «الشبيه» للمؤلف والمخرج المسرحي بوري مصطفى من محافظة سعيدة (غرب البلاد) ونص»العاصفة الشمسية» للكاتب بوزبوجة غافور هواري وهو من نوع الخيال العلمي الموجه للأطفال، وكلا النصين حازا المركز الثاني والثالث على التوالي.
وأوضح رئيس اللجنة جروة علاوة وهبي، أن اللجنة سجلت ملاحظات عديدة ضمنها التباين الواضح في مستوى النصوص وطغيان النمطية السردية على الطابع الدرامي في أغلبية النصوص، بالإضافة إلى غياب أو ضعف الثقافة المسرحية لدى بعض الكتاب، ناهيك عن الخلط الواضح بين قواعد وأساسيات الكتابة المسرحية الإذاعية، الركحية، والسردية.
وأضاف «علاوة وهبي»، أن النصوص المسرحية المشاركة في المسابقة تناولت تيمات مختلفة على غرار التاريخ والخيال العلمي والاجتماعي والنفساني والمونودراما، مثمنا في ذات السياق مبادرة هذه المسابقة وضرورة استمراريتها ومواصلتها في تحفيز إنتاج نصوص مسرحية وفي دفع حركة التأليف المسرحي في الجزائر.