2025.07.17
سياسة
كيف سرقت فرنسا حديد الجزائر لتشييد برج إيفل ؟

كيف سرقت فرنسا حديد الجزائر لتشييد برج إيفل ؟


سرقت فرنسا حديد الجزائر لصناعة برج إيفل الذي يعتبر اليوم فخر الفرنسيين. وقد تطلب كمية 10100 طن من الحديد، فمن أين تحصلت فرنسا عليه؟ طبعا لا يمكنها الحصول على ثروة مثل هذه إلا من الجزائر وبالتحديد من مناجم مليانة (غربي الجزائر).

بدأت القصة حول كيف سرقت فرنسا حديد الجزائر لصناعة برج إيفل بعد 59 سنة من احتلال فرنسا للجزائر، عندما جاءت فكرة بناء “برج إيفل” الشهير بمناسبة الذكرى المئوية للثورة الفرنسية سنة 1889، واستضافة باريس للمعرض العالمي على أن يكون البرج مدخلا للمعرض.

في 1886 وقّع وزير التجارة والصناعة الفرنسي آنذاك إدوارد لوكراي أمرا بفتح المناقصة وقدم أزيد من 100 فنان مخططات للتنافس على بناء نصب تذكاري وسط باريس ليكون رمزا لفرنسا في العالم، وتم منح شرف بنائه للشركة الإستشارية للبناء التي يملكها المهندس المعماري والخبير الكسندر غوستاف إيفل سنة 1887، والذي استلهمه بشكل كبير من معرض “فيتوريو ايمانوال 2” في وسط ميلانو المتميز بهندسته المعدنية.

وضع إيفل تصميم البرج بارتفاع 324م ليكون بذلك أطول برج في العالم، ونظرا لطوله وتصميمه المتفرد وطلبا لتميزه عن باقي المباني المعروفة، اختير الحديد لتشييده، ولكن كان يتوجب أن يكون الحديد مطاوعا وذا جودة عالية وليست أي نوعية من الحديد تفي بالغرض.

ولتنفيذ المشروع كانت فرنسا الاستعمارية بحاجة إلى كمية هائلة من الحديد، بلغت 10100 طن، قامت باستخراجها وسرقتها من الجزائر، وبالتحديد من مناجم زكار وروينة في مدينة مليانة (غربي الجزائر) التي تتوفر على حديد عالي الجودة. تم تحويل كمية الحديد إلى 18038 قطعة حديدية و2.5 مليون مسمار مشكلا بذلك “برج إيفل” الشهير.

تم استغلال حديد الجزائر لصناعة برج إيفل في مدة عام و6 أشهر حيث شارك في بنائه 50 مهندسا و300 عامل وبلغ ارتفاعه أكثر 300م وافتتح رسميا في 31 مارس 1889، ليكون أطول برج في العالم ويبقى كذلك مدة 41 سنة إلى غاية 1930 تاريخ بناء مبنى Crysler كرايسلر في نيويورك الذي فاقه ارتفاعا.

الفرنسيون عارضوا تشييد البرج

وصفت نخبة فرنسا البرج بالمثير للسخرية، وعندما بدأ بناء البرج قامت مجموعة من الفنانين والنحاتين والكتاب والمهندسين المعماريين الذين وصل عددهم إلى 300 شخص بإرسال عريضة إلى مفوض معرض باريس، يتوسلون فيها بوقف البناء المثير للسخرية وجاء فيها: “نحن الكتاب والرسامون والنحاتون والمعماريون والمخلصون الشغوفون بجمال باريس العظيم، نحتج وبكل سخط باسم ذوق باريس الراقي على برج إيفل الوحشي .. ولتوضيح مقصدنا أكثر تخيل للحظة، برج سخيف طائش يهيمن على باريس مثل مدخنة سوداء عملاقة ويسحق تحت كتلته الهمجية نوتردام، طريق سان جاك، متحف اللوفر، قبة لي الانفاليد وقوس النصر، وكل آثارنا سوف تختفي في هذا الحلم المروع .. سنرى امتدادا مثل لطخة الحبر، ظل بغيض لعمود بغيض من الصفائح المعدنية”، ولكن احتجاجهم لم يلق آذانا صاغية واستكمل البناء.

لم يلق “برج إيفل” ترحيبا من طرف عموم الشعب والمثقفين حيث أطلقوا عليه عدة ألقاب مثل “مصباح شارع مأساوي”، “قمع مزروع على مؤخرته” و”خضار اسبارجاس معدني”، كان البرج سيفكك سنة 1909 ولكن نظرا لارتفاعه الشاهق كان مفيدا في الإتصالات لذلك ظل موجودا. يغطى البرج بـ60 طن من الدهان كل 7 سنوات لحمايته من التآكل، وهو مطلي بثلاث درجات من الألوان الداكن في الأسفل والفاتح في الأعلى.

هتلر يلتقط صورة أمام برج إيفل معلنا انتصاره

وشهد البرج عدة أحداث، فقبل تسليم باريس للألمان خلال الحرب العالمية الثانية، قام الفرنسيون بتخريب مصاعد البرح حتى لا يتمتع الأعداء بالمنظر ولكن هتلر تسلق البرج على قدميه. في سنة 1912 قفز مطور مظلات القفز من الطابق الثالث لتجربة اختراعه ولقي حتفه، مع العلم أنه وبالرغم من ارتفاعه الشاهق شخص واحد فقط توفي أثناء عملية البناء. شهد أيضا البرج زيارة توماس أديسون، وأعجب به كثيرا حيث كتب في كتاب “الضيوف”: “مسيو إيفل لك كل التقدير والإحترام من كل المعماريين بما فيهم المعماري الأعظم توماس أديسون”.

بلغ عدد زوار “برج ايفل” الذي صنعته فرنسا من حديد مدينة مليانة الجزائرية، أكثر من 250 مليون زائر، ويقدر عدد زواره بـ7 ملايين زائر سنويا، أما عدد العاملين القائمين عليه فيبلغ 500 عامل.

البرج في حالة سيئة ويغطيه الصدأ

كشفت وثائق مسربة أن برج إيفل في حالة سيئة ويغطيه الصدأ ويحتاج إلى إصلاح وترميم بشكل كامل، لكن بدلا من ذلك تم ترميمه تجميليا فقط تحضيرا للألعاب الأولمبية عام 2024.

ويخضع البرج لعملية إعادة طلاء بقيمة 60 مليون يورو استعدادا لدورة الألعاب الأولمبية لعام 2024، وهي المرة العشرين التي يتم فيها إعادة طلاء النصب التذكاري.

وكان من المفترض أن يتم تجريد ثلث البرج ثم وضع طبقتين جديدتين. ومع ذلك، فإن التأخير في العمل بسبب وباء كورونا ووجود مستويات مقلقة من الرصاص في الطلاء القديم يعني أنه سيتم علاج 5٪ فقط من الضرر.

وقال مصدر لمجلة "ماريان" الفرنسية: "إذا زار غوستاف إيفل المكان فسوف يصاب بنوبة قلبية"، مشيرا إلى أن "الترميم الذي حصل لم يكن سوى عملية تجميل وأن النتيجة النهائية ستكون مؤسفة".

وأكد خبراء للصحيفة أن "برج إيفل يحتاج إلى إعادة تجريده بالكامل من المعدن وإصلاحه وإعادة طلاءه، وأن الطلاء على الطلاء القديم يزيد من التآكل".

يتصفحون الآن
أخر الأخبار