2025.07.17
في سوريا.. أوكرانيا تتنكّر في ثوب الدب الروسي

في سوريا.. أوكرانيا تتنكّر في ثوب الدب الروسي


في ظل التحولات السياسية والاقتصادية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، يبرز دور أوكرانيا كطرف فاعل في التأثير على الأوضاع في سوريا، خاصة في ظل الصراع المستمر والتدخلات الخارجية المتعددة. فقد سعى النظام الأوكراني إلى الضغط على "الإدارة الجديدة" في دمشق لتحقيق مصالحه الخاصة، لا سيما من خلال المطالبة بإخراج القوات الروسية من الأراضي السورية. وتكشف  المحاولات الأوكرانية للتقارب مع القادة الجدد في سوريا، عن تناقضات كبيرة، خصوصًا في ظل السيطرة العسكرية الروسية على منشآت حيوية في البلاد. وهذا التفاعل المعقد بين الأطراف المختلفة يعكس الأبعاد الجيوسياسية التي تشكل حاضر سوريا ومستقبلها، في وقت تعاني فيه البلاد من ضغوطات متعددة، سواء من التدخلات الصهيونية أو الأزمة الاقتصادية. نظرًا للدور المزدوج الذي لعبه النظام الأوكراني في الإطاحة بالدولة السورية، من خلال دعمه للجماعات المسلحة التي استولت على السلطة في دمشق وأُطلق عليها لاحقًا اسم "الإدارة الجديدة"، فإنه من غير المستغرب أن يسعى هذا النظام إلى التأثير على القادة الجدد في سوريا، مطالبًا إياهم بـ"طرد القوات الروسية" من الأراضي السورية. وقد عقد قائد "الإدارة الجديدة" أحمد الشرع محادثات مع وفد أوكراني بقيادة وزير الخارجية أندري سيبيغا، حيث حث الأخير على إخراج القوات الروسية من سوريا. لكن الوزير الأوكراني لم يفوّت فرصة توجيه اتهامات للروس ونظام الأسد بدعم بعضهما البعض عبر العنف والتعذيب، في تناقض صارخ مع حقيقة أن الشرع نفسه لا يزال مدرجًا على قائمة الإرهاب الدولي. ومن خلال تصريحات سابقة، اتضح أن أوكرانيا تسعى إلى ابتزاز دمشق عبر الإشارة إلى إمكانية إصلاح العلاقات معها، ولكن الشرع، الذي يعرف تمامًا الوضع العسكري في سوريا، يدرك أن المطلب الأوكراني لا يتعلق بمسألة طرد "مسلحين" بل بإخراج القوة الروسية من سوريا، في وقت تسيطر فيه روسيا على العديد من المنشآت الحيوية في البلاد. ومن جانبها، تواصل موسكو جهودها لتأمين وجودها العسكري في سوريا، خاصة في قواعدها البحرية في طرطوس والجوية في حميميم، في ظل التقارب المفروض بحكم الواقع بين موسكو ودمشق. وفي خطوة لكسب الولاء، أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عن إرسال أول شحنة مساعدات غذائية إلى سوريا، في محاولة لتقويض العلاقة السورية الروسية، بينما كان من الأجدر أن تعترف أوكرانيا بالتحديات المعقدة التي تواجهها دمشق نتيجة الهجمات العسكرية الصهيونية كل يوم. مع العلم أحمد الشرع، قال في مقابلة مع قناة "العربية" إن كل الأسلحة في سوريا هي روسية المنشأ، والكثير من منشآت الطاقة في البلاد يديرها خبراء روس، وإن الإدارة الجديدة لا تريد من روسيا الرحيل عن سوريا بالطريقة التي "يتمناها البعض". صرّح وزير الخارجية في حكومة تسيير الأعمال في سوريا، أسعد الشيباني، أمس الاثنين، بأن سوريا ستبني علاقات شراكات استراتيجية مع أوكرانيا على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي والعلمي. وقال الشيباني خلال مؤتمرٍ صحافي جمعه مع نظيره سيبيغا في دمشق، إنّ "سوريا ستبدأ بنسج علاقات جديدة مع أوكرانيا، وسنطوي صفحة طويلة قديمة من القطيعة التي كانت على أيام النظام السابق". وكذلك، التقى سيبيغا مع الوفد المرافق له قائد إدارة العمليات العسكرية في سوريا، أحمد الشرع (الجولاني). وبدورها، نقلت وكالة "رويترز" عن وزير الخارجية الأوكراني أنّ أوكرانيا ستسلّم سوريا المزيد من شحنات المساعدات الغذائية وذلك بعد أول شحنة من الدقيق والتي تبلغ 500 طن، والتي ستصل اليوم إلى سوريا. وتصدّر أوكرانيا القمح والذرة للدول في الشرق الأوسط باستثناء سوريا، التي كانت تعتمد خلال حقبة الأسد على روسيا في وارداتها الغذائية. وكانت روسيا تصدّر القمح لسوريا عبر ترتيبات مالية ولوجستية معقدة بسبب العقوبات الغربية المفروضة على دمشق وموسكو التي علّقت بداية شهر ديسمبر 2024 صادراتها من القمح إلى سوريا، بسبب "الغموض الذي يكتنف الوضع في دمشق"، وبسبب التأخر في الدفعات وفق ما أفادت به مصادر روسية وسورية لوكالة رويترز. من جهة أخرى، أفادت مصادر مطلعة لوكالة "سبوتنيك" الروسية بتوغل القوات الصهيونية أمس الاثنين داخل مدينة البعث في محافظة القنيطرة جنوبي سوريا، عقب الدفع بتعزيزات عسكرية إضافية إلى المنطقة. وذكرت مصادر "سبوتنيك" أن "القوات الصهيونية وصلت إلى عدة مبان ومؤسسات حكومية داخل المدينة وطلبت من الموظفين إخلاءها على الفور. وفي ذات السياق أفادت صحيفة "الوطن" السورية" بأن القوات الصهيونية تتقدم بالدبابات والآليات المدرعة باتجاه مدينة السلام "البعث سابقا". ووفقا للصحيفة فقد منعت القوات الصهيونية المواطنين من الوصول إلى المركز الثقافي ومديرية التموين وشركة الكهرباء والمصرف العقاري والمخبز الاحتياطي بحجة التفتيش، وتجبر العاملين على إخلاء مكاتبهم والخروج منها. هذا وكانت القوات لصهيونية قد توغلت يوم الأربعاء الماضي في أطراف بلدة سويسة بريف القنيطرة في سوريا، ضمن سلسلة تحركات على الحدود السورية عقب سقوط نظام الرئيس بشار الأسد بحجة تأمين حدودها. وقال ما يًسمى المرصد السوري لحقوق الإنسان يوم الثلاثاء الماضي إن "القوات الصهيونية توغلت بعمق حوالي 7 كيلومترات من المنطقة العازلة في محافظة القنيطرة جنوبي سوريا، وأبلغت أهالي قريتي أم العظام والعدنانية بأوقات محددة بالدخول والخروج من المنطقة". وقبل ذلك توغل الجيش الصهيوني عدة كيلومترات داخل الجولان السوري وسيطر على موقع جبل الشيخ العسكري السوري بعد أن غادرته قوات النظام، بحسب ما نقلت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية. وبالعودة إلى السلطة الجديدة في دمشق، ذكرت وكالة "رويترز"، نقلاً عن مسؤول سوري رفيع المستوى، أنّ حكام سوريا الجدد قاموا بتعيين ميساء صابرين محافِظةً للبنك المركزي. ويشار إلى أنّ صابرين هي أول امرأة تتولى رئاسة البنك المركزي منذ تأسيسه، وكانت تشغل منصب نائبة محافِظه، محمد عصام هزيمة، الذي عيّنه الرئيس السابق، بشار الأسد، محافظاً للمصرف المركزي عام 2021. وحصلت صابرين على إجازة وماجستير في المحاسبة من جامعة دمشق، بالإضافة إلى شهادة محاسب قانوني. وشغلت منصب مدير مديرية مفوضية الحكومة لدى المصارف، وكانت عضواً في مجلس إدارة سوق دمشق للأوراق المالية. وكانت المعارضة السورية المسلحة دخلت العاصمة دمشق، في الـ8 من ديسمبر الجاري، وتم إعلان سقوط نظام الرئيس السوري السابق، بشار الأسد.

يتصفحون الآن
أخر الأخبار