تحدث الدكتور عبد الرحمن نعجة العفيفي، رئيس فرقة الدراسات المالية الإسلامية الموطنة بمخبر الدراسات المالية والمحاسبية بجامعة سيدي بلعباس، في تصريح لـ"الأيام نيوز"، عن أهمية السياسات المالية والإصلاحات النقدية في دعم التحول إلى اقتصاد غير نقدي في الجزائر، مشيراً إلى أن هذا التحول يمثل ضرورة اقتصادية تتطلب تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على المحروقات، مع تعزيز استقرار الأسواق المالية أثناء التحول الرقمي من خلال إدارة المخاطر، تطوير الأطر التنظيمية، وتكامل التكنولوجيات المالية، بما يضمن بناء اقتصاد رقمي مستدام ومتوازن. وأكد الدكتور عبد الرحمن نعجة العفيفي، أن التحول إلى اقتصاد غير نقدي في الجزائر يتطلب مزيجاً متكاملاً من السياسات المالية والإصلاحات النقدية التي تستهدف معالجة التحديات الاقتصادية والهيكلية. وأوضح أن السياسات المالية لها دور محوري من خلال أدوات رئيسة مثل الإنفاق الحكومي والسياسة الضريبية، حيث يمكنها تنويع الاقتصاد بعيداً عن الاعتماد على قطاع المحروقات، مشيراً إلى ضرورة الاستثمار في قطاعات الزراعة والصناعة والخدمات، مع التركيز على دعم المؤسسات الناشئة والتكنولوجيات المالية. وقال إن الإصلاحات الضريبية ضرورية لزيادة إيرادات الدولة من خارج قطاع المحروقات، عبر توسيع القاعدة الضريبية وتحسين كفاءة تحصيل الضرائب، مع تحديث النظام الضريبي ورقمنته، مما يسهل على المتعاملين الاقتصاديين تقديم التزاماتهم الضريبية إلكترونياً. وأضاف أن الاستثمار العام يشكل ركيزة أساسية من خلال تحسين البنية التحتية وتكوين رأس المال البشري، مؤكداً على أهمية نشر الثقافة المالية التي تسهم في تسهيل التحول إلى اقتصاد غير نقدي. وأشار إلى أن الإصلاحات النقدية التي يديرها بنك الجزائر تعتمد على أدوات غير تقليدية مثل التسهيل الكمي واستهداف التضخم، مما يسهم في تحقيق استقرار الاقتصاد الكلي. كما شدد على ضرورة الاستفادة من التجارب الدولية الناجحة، مثل ماليزيا وتركيا، التي تمكنت من التحول إلى اقتصاد رقمي مع الأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات المحلية. رؤية شاملة واستراتيجيات فعالة يضعها البنك المركز وأوضح الدكتور عبد الرحمن نعجة العفيفي أن استقرار الأسواق المالية خلال التحول إلى الأنظمة الرقمية يتطلب رؤية شاملة واستراتيجيات فعالة يضعها البنك المركزي، تشمل إدارة المخاطر، تعزيز الأطر التنظيمية، وتكامل التكنولوجيات المالية. وأكد أن إدارة المخاطر تعد حجر الأساس، حيث يجب اعتماد معايير قياس المخاطر الدولية، مثل القيم المعرضة للخطر ونسب تغطية السيولة، التي تساعد في تقييم وتخفيف المخاطر المالية المرتبطة بالعملات الرقمية. كما دعا إلى تعزيز الأمن السيبراني لحماية البيانات والمعاملات المالية من القرصنة ومخاطر التشغيل. وأشار إلى أن الأطر التنظيمية تلعب دوراً مهماً في ضمان استقرار النظام المالي، موضحاً أن قانون النقد والمصرفية الجديد (23-09) قد أشار إلى ضرورة تنظيم العمليات البنكية وتعزيز الرقابة عليها، بما يشمل تطوير لوائح تواكب تحديات العملات الرقمية. وقال إن المراقبة المستمرة لالتزام المؤسسات المالية بالقوانين واللوائح تسهم في الكشف المبكر عن المخاطر المستقبلية، مما يسمح للبنك المركزي بالتدخل في الوقت المناسب لتجنب أي أزمات محتملة. وأضاف أن تكامل التكنولوجيات المالية يشكل فرصة لتعزيز الابتكار في الخدمات المالية، مؤكداً أن التعاون مع شركات التكنولوجيا يمكن أن يدعم تطوير منتجات مالية جديدة تعزز كفاءة الأسواق. وشدد على أهمية نشر الوعي المالي بين المواطنين عبر حملات توعوية ذكية تُبث على منصات التواصل الاجتماعي، تهدف إلى تعريف الجمهور بآليات الدفع الإلكتروني والمخاطر المحتملة، مما يعزز الثقة ويشجع على تبني هذه الأنظمة. وأشار إلى ضرورة تثقيف المواطنين حول التداول المالي، مثل الأسهم والصكوك الإسلامية، بما يسهم في زيادة الاستثمارات المالية وتعزيز استقرار الأسواق. وفي ختام تصريحه، حذر من أن الرقمنة السريعة قد تخلق نقاط ضعف جديدة، مما يتطلب تحقيق توازن دقيق بين الابتكار والرقابة التنظيمية لتجنب أي تحديات مستقبلية.
