اختار رئيس وزراء الكيان الصهيوني، بنيامين نتنياهو، أن تكون الحرب في غزة طويلة الأمد، ودعا إلى تكثيف وتيرة العدوان الوحشي على أهلها، لأن هذا هو الشيء الوحيد الذي يستطيع فعله في ظل غياب خيارات أخرى تنتشله مما هو فيه؛ فهو يعلم يقينا أنه عرّض كيان الاحتلال لأكبر صدمة في تاريخه، في مقابل تنفيذه مذبحة همجية ضد الشعب الفلسطيني، قتل خلالها أكثر من 21 ألف شخص حتى الآن، ما يعني أن نهاية مسيرة نتنياهو السياسية أصبحت حتمية، غير أن "الأزمة" لم تنته عند هذا الحد، فقد كشفت تسريبات إعلامية إسرائيلية حديثة عن وجود خلافات حادة وأزمة ثقة بين كبار قادة الكيان، لاسيما بين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، إلى جانب حالة عميقة من التشرذم يشهدها "المجتمع" الصهيوني المنقسم على نفسه، بطريقة باتت تهدد مستقبله، في ظل اتساع الهوّة بين مطالب الشارع وتوجهات حكومة نتنياهو التي أصبحت منبوذة داخليا ولدى الرأي العام الدولي وفاقدة ـ على المستوى الرسمي ـ التأييد الغربي الذي كان مطلقا فبات نسبيا، ومن المرجح أن يتلاشى تماما في بعض العواصم الأوروبية. === أعدّ الملف: حميد سعدون - م. ب - س. س === أفرزت النقاشات الساخنة في وسائل الإعلام الإسرائيلية قناعة مفادها أن: تحقيق نصر عسكري في قطاع غزة يبدو أمرا صعبا جدا، ذلك أن المقاومة لقّنت الاحتلال الصهيوني درسا يوم السابع من أكتوبر الماضي، وأن النصر الوحيد الممكن حاليا ـ بالنسبة إلى المجتمع الصهيوني ـ هو رحيل رئيس وزراء سلطة الكيان، بنيامين نتنياهو، الذي كشفت القناة الـ12 الإسرائيلية أنه منع رئيس الموساد، ديفيد برنيع، ورئيس الشاباك، رونين بار، من المشاركة في اجتماع أمني وصف بـ"الحساس". وأوضحت القناة أن الاجتماع كان يفترض أن يضم بالإضافة إلى رئيس الموساد (الاستخبارات الخارجية الصهيونية) ورئيس الشاباك (جهاز الأمن الداخلي الصهيوني) نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هاليفي، وكل هذا جاء في ظل تصاعد الخلافات بين نتنياهو وأعضاء في مجلس الحرب الصهيوني وقادة عسكريين وأمنيين على خلفية سياساته بشأن (الحرب) على غزة، وتبادل الأسرى مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وظهرت تلك الخلافات إلى العلن في مناسبات عدة. ومنذ 7 أكتوبر الماضي، يشنّ الاحتلال عدوانا همجيا على غزة خلف حتى اليوم 21 ألفا و507 شهداء، و55 ألفا و915 مصابا -أغلبيتهم من الأطفال والنساء- إضافة إلى دمار هائل في الأحياء السكنية والبنية التحتية والمستشفيات. وقد جاء هذا العدوان الهمجي بعد معركة "طوفان الأقصى" التي نفّذت خلالها المقاومة الفلسطينية هجوما بريا وبحريا وجويا على مستوطنات في غلاف غزة، وأدت إلى مقتل نحو 1400 صهيوني وأسر نحو 250 آخرين، بينهم عسكريون برتب عالية، الأمر الذي كشف عن فشل أمني واستخباراتي داخل الكيان وعرّض نتنياهو إلى انتقادات حادة. نهاية مرحلة العمى وقال القائد السابق للشرطة الصهيونية، دان حالوتس، إن هذه (الحرب) لن يكون بها أي نصر، ولن تحمل سوى الخسارة، مؤكدا أن النصر الوحيد هو أن يترك نتنياهو منصبه، و"علينا دفع الإسرائيليين نحو تحقيق هذا الهدف". وفي السياق ذاته، قال راز ماطلون - وهو واحد من ذوي الأسرى- إن الإسرائيليين خسروا كثيرا بسبب ما سمّاها "حالة العمى التي كنا نعيشها"، وأضاف "لقد تجاوزنا هذه المرحلة وأصبحت الأمور شفافة وواضحة.. نحن لا نثق بالدفاعات العمياء التي وثقنا بها في الماضي". وتابع "أريد أن أقول أمرا يسيرا، مفاده أن التقدم إلى الأمام يتطلب أحيانا التراجع خطوات إلى الوراء.. يمكن أن يكون هذا هو الواجب من أجل إعادة التنظيم"، مؤكدا بالقول: "يجب أن نفكر في إعادة المخطوفين (الأسرى) قبل أي شيء". أما عضو الكنيست ألموج كوهين، فقال، إن "إسرائيل" "نسيت أن المقاومة تتابع وتسمع وتدرس"، مضيفا "ما نفعله نحن لا يفعله مجند في أول أيامه بالتجنيد". وأضاف كوهين "لقد أصبنا بالغطرسة وأصبح أنفنا في الأعلى لشدة ما سمعنا من مقولات حول (الجيش) الأقوى و(الدولة) العظمى"، مضيفا "أنا لا أؤمن بهذا الكلام.. لقد تعلمت درسا في التواضع". وتابع كوهين بالقول: "أنت وسط هذه الغابة، وإذا كنت تعتقد أنك الأقوى، سيثبت لك غيرك عكس هذا، وإذا كنت تعتقد أنك الأكثر حكمة فسيثبت لك غيرك أنك غبي، وإذا كنت تعتقد أنك الأكثر تطورا، فسيثبت لك بطرق بدائية أنك لست كذلك، كما حدث في السابع من أكتوبر المنصرم".
يا للعبث..
هكذا يطلق نتنياهو النيران على نفسه ليبقى حيا !
تطرق الكاتب والحقوقي الفرنسي، رينيه باكمان، في مقال له إلى تصريحات رئيس وزراء سلطة الكيان الصهيوني، بنيامين نتنياهو، التي كان مفادها أن (الحرب) في غزة ستكون طويلة، وكذلك دعوته إلى تكثيف القصف على القطاع مجدّدا، مشيرا إلى أن نتنياهو يجب أن يتحمل بعد (الحرب) مسؤوليته عن الاختيارات التي عرّضت الكيان لصدمة تاريخية، والشعب الفلسطيني لمذبحة همجية استشهد فيها أكثر من 21 ألف شخص حتى الآن، ما يعني بداية النهاية لمسيرته السياسية. وقال رينيه باكمان، في مقال طويل على موقع "ميديا بارت"، إن نتنياهو يدرك أن نهاية القتال تعني استئنافا محتملا لتعبئة واسعة النطاق للمجتمع المدني ضد مشاريعه السياسية، وأيضا ضد إدارته الكارثية لمسألة "الرهائن"، خاصة إذا لم يخرج من بقي منهم من غزة أحياء، وأنها تعني كذلك عودة محتملة إلى المحكمة للرد على اتهامات الفساد والاحتيال وخيانة الأمانة التي أثقلت كاهله لأكثر من 5 سنوات. وفي الوقت الحالي - يقول الكاتب - يتعين على نتنياهو أن يشرح موقفه أمام لجنة التحقيق التي سيتم تشكيلها - بلا شك - لفحص الظروف التي تمكنت فيها حركة المقاومة الفلسطينية من تنفيذ عملية 7 أكتوبر، تحت أنظار أجهزة المخابرات الصهيونية، ما أدخل الكيان في واحدة من أسوأ الصدمات في تاريخه. توتر مع واشنطن..! وبحسب الموقع الفرنسي، فمن المعروف أن نتنياهو، في مواجهة هذه المحن وفي مواجهة النتائج الفظيعة بالنسبة إلى الفلسطينيين والمخيبة للآمال بالنسبة إلى (الجيش) الصهيوني، خلال الشهرين الأولين من (الحرب) على غزة، أدار أذنه الصماء لمطالب وقف إطلاق النار، ولم يتقبل اقتراحات الأمريكيين. ومن علامات الانزعاج الأمريكي - كما يرى الكاتب - قرار إدارة بايدن "تأخير نقل" 20 ألف بندقية هجومية من طراز "أم-16" (M-16) إلى الكيان، لأنها تخشى أن يوزعها وزير الأمن القومي العنصري بن غفير على مليشيات المستوطنين التي يدعم عملياتها الإرهابية ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية. ويتابع "ميديا بارت" موضحا أن علاقات نتنياهو مع باراك أوباما كانت كارثية منذ البداية ولمدة 8 سنوات، حين وقف ضد رغبة الرئيس الـ44 في إعادة إطلاق المفاوضات مع الفلسطينيين، وبذل نتنياهو كل ما في وسعه دون جدوى، لمنع أوباما من إبرام الاتفاق الدولي بشأن الطاقة النووية الإيرانية، مخالفا بذلك نصيحة العديد من مسؤولي (الجيش) والمخابرات. وتبيّن دراسة أجراها عالم الاجتماع "ياجيل ليفي" المتخصص في القضايا العسكرية في جامعة "إسرائيل" المفتوحة، أنه لزيادة قوته التدميرية ضد حماس، قرر (الجيش) الصهيوني التخلي عن التمييز بين المدنيين والمقاتلين أثناء ضرباته. ولا يخفى على أحد أن المظلة الإستراتيجية الأمريكية توفر - مع السلاح النووي غير الذي يملكه الاحتلال - نظام الردع الذي يحمي الكيان، فهل يستطيع نتنياهو ألا يقبل، من أجل الحفاظ على هذا "التأمين على الحياة"، طلبات واشنطن، ليبدو في شخصية "البطل القومي" القادر على مقاومة حتى واشنطن لمنع ولادة الدولة الفلسطينية؟ ويشير الدبلوماسي الإسرائيلي السابق، ألون بينكاس، إلى أن "أهداف (الحرب) تم عكسها"، إذ كان الهدف في الأصل يتلخص في تدمير حماس عسكريا، مع الاعتراف بقدرتها على الاحتفاظ بما تبقى من السلطة السياسية، أما اليوم فلا تزال الحركة نشطة عسكريا. ويتفق إيهود باراك، الذي خلفه كرئيس للحكومة عام 1999، بعد ولايته الأولى في السلطة مع رأي بينكاس وآخرين غيرهما، فقد كتب في صحيفة هآرتس أن "نتنياهو غير قادر على قيادة هذه (الحرب)، وعليه أن يترك منصبه قبل أن تصبح عواقب نقاط ضعفه غير قابلة للإصلاح". وفي هذا السياق، يظل العنصريان اليهوديان، إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، آخر حلفاء نتنياهو في الوقت الراهن، إلا أنهما أعربا أيضا عن بعض التحفظات الأسبوع الماضي، ونددا بقرار نتنياهو بالسماح لشاحنتي وقود بالدخول إلى القطاع كل يوم باعتبار ذلك تنازلا. مخططات سيئة وأشار ريني باكمان إلى أن نتنياهو أقام "جدارا عازلا" على حدود قطاع غزة، على عمق 65 مترا تحت الأرض، يتكون من الخرسانة والصلب، وتتخلل هذه المنظومة أبراج مراقبة مزودة بكاميرات ورادارات مضادة للتسلل، وتضمنت أيضا رشاشات آلية يتم إطلاقها بمجرد اكتشاف "صدى" في "المنطقة المحرمة" على مسافة 300 متر، لمنع أي تسلل إلى مناطق الكيان. غير أن عملية " أكتوبر أظهرت مدى ضعف هذه الحافة الواقية، التي اخترقها المهاجمون بالجرافات، بعد أن "أعموا" الكاميرات والرادارات ودمروا المدافع الرشاشة. ومن خلال شهادات الجنود، اتضح أن رسائل التنبيه تم نقلها إلى هيئة الأركان العامة قبل عملية 7 أكتوبر دون أن تؤخذ في الاعتبار على المستوى السياسي، كما أن بالونات المراقبة المستخدمة لمراقبة القطاع كانت معطلة منذ أسابيع وأن طلبات الإصلاح لم يتم الرد عليها.أين كان "جيش" الاحتلال الصهيوني يوم "طوفان الأقصى"؟!
أظهر تحقيق صحفي أن (جيش) الاحتلال الإسرائيلي تعثر من شدة الارتباك ونقص في الأسلحة وكان تنظيمه سيئا للغاية، أثناء هجوم "طوفان الأقصى" الذي شنته المقاومة الفلسطينية يوم 7 أكتوبر الماضي. وكشف تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أعدته الصحافية الأمريكية بالتعاون مع الصحفي الإسرائيلي رونين بيرغمان، وحمل عنوان "أين كان (الجيش) الصهيوني؟"، شهادات جديدة عن هجوم المقاومة على المستوطنات والمواقع العسكرية الصهيونية في غلاف غزة، وطريقة تعامل (الجيش) الصهيوني معها. ووفقا للصحيفة، فقد بلغت العشوائية وانعدام المعلومات لدرجة أن الجنود اضطروا إلى التواصل في مجموعات واتساب مؤقتة، والاعتماد على منشورات وسائل التواصل الاجتماعي لجمع المعلومات التي من شأنها أن تخدمهم في المعركة. ونظرا إلى انعدام الاتصال مع قاعدة "رعيم" العسكرية - مقر قيادة فرقة غزة في (الجيش) الصهيوني- لجأت وحدة ماجلان إلى الفيديوهات التي نشرتها حركة حماس على شبكات التواصل الاجتماعي لفهم ما يجري، كما أمر أحد قادة الفريق جنوده بالبحث عن معلومات على قنوات تليغرام والتقارير الإخبارية لاختيار الأهداف. منطق العشوائية و"ربما كان الأمر الأكثر فظاعة على الإطلاق"، كما نقلت الصحيفة عن الجنود والضباط السابقين والحاليين، هو أن (الجيش) الصهيوني لم يكن لديه أي خطة للرد على أي هجوم واسع النطاق تشنه حماس من قطاع غزة على المواقع الصهيونية، وأضافت أن (الجيش) الصهيوني كان يعتقد أن حماس تستطيع - على الأكثر - أن ترسل فرقة أو عددا صغيرا جدا من الفرق يدخل إلى عمق الكيان، وكان يُعدّ ويُدرّب جنوده على مواجهة مثل هذا السيناريو المرجعي، وليس في مواجهة غزو كبير. ووفقا للجنرال السابق في القيادة الجنوبية يوم توف سامية، فإنه لم يكن هناك "إعداد دفاعي مناسب، ولا تدريب، ولا معدات، ولا بناء قوة لمثل هذه العملية"، وأضاف أمير أفيفي نائب قائد فرقة غزة السابق، في تحقيق نيويورك تايمز، استنادا إلى وثائق حكومية صهيونية داخلية وفحص مواد من قاعدة بيانات عسكرية، "لم تكن هناك خطة دفاعية لهجوم مفاجئ من النوع الذي رأيناه في 7 أكتوبر الماضي". في حين يقول الرئيس السابق لهيئة أركان الأمن القومي، اللواء المتقاعد يعقوب أميدرور: "بقدر ما أستطيع أن أتذكر، لم تكن هناك خطة من هذا القبيل؛ لأن (الجيش) الصهيوني لا يجهز نفسه لأشياء يعتقد أنها مستحيلة". ارتباك وفوضى ومن الشهادات التي جمعتها الصحيفة الأمريكية، تظهر من جديد صورة الارتباك الذي كان سائدا في ذلك اليوم، فلم يكن جنود الاحتياط مستعدين للتعبئة والانتشار السريع، ويصف بعضهم كيف انطلقوا جنوبا بمبادرة فردية، ويقول الجندي في قوات الاحتياط الصهيونية، دافيدي بن تسيون، الذي شارك في عملية الدفاع بمبادرة فردية، "بعد حوالي 7 ساعات من بدء الهجوم، التفتُّ إلى جندي الاحتياط الذي كان بجانبي وسألته: أين (جيش) الدفاع الصهيوني؟". وأضاف جندي آخر من قوات المظلات أنه جنّد نسفه هو وأصدقاؤه دون دعوة رسمية. ولتوفير الوقت، غادروا دون معدات للرؤية الليلية أو سترات مناسبة، مؤكدا أنه كان يتوقع أن يرى الطرق مليئة بالجنود والمعدات والمدرعات التي تتجه جنوبا، لكنها كانت فارغة. واعترف مسؤول في القيادة الجنوبية أنه حتى عند الظهر لم يفهم الضباط ما كان يحدث. وقدّروا أن حوالي 200 مقاتل من حماس تسللوا إلى الكيان، في حين أن العدد في الواقع كان أعلى بعشر مرات. وأشارت الصحيفة إلى أن أحد مشاهد الفوضى في ذلك الصباح كان سيطرة حماس على الطرق الرئيسة وإغلاقها، خاصة في مفرق النقب، الأمر الذي أعاق تقدم القوات الصهيونية لساعات عدة.انقسام صهيوني شامل وفشل متعدّد الأوجه
تسلط وسائل الإعلام العالمية الضوء ـ بين الحين والآخر ـ على موضوع تردي الروح المعنوية لدى جنود الاحتلال المشاركين في العدوان على غزة، بالإضافة إلى الشعور بالانتكاس في أوساط الشارع الإسرائيلي، خاصة، بسبب فشل صفقة استعادة باقي الأسرى. وفي المقابل، تشير وسائل الإعلان إلى أن المقاومة باتت تشعر بالثقة الكافية لرفض أي صفقة لا تحقق لها النصر بشكل مباشر في هذه (الحرب) المستمرة منذ السابع من أكتوبر الماضي. جاء ذلك في مقال لهيئة تحرير صحيفة "وول ستريت جورنال"، نُشر يوم الأربعاء تحت عنوان "لهذا لن تفرج حماس عن الرهائن"، حين تساءلت فيه عن التغيرات التي حدثت منذ هدنة أواخر نوفمبر الماضي وجعلت الحركة ترفض عرضين للتهدئة وتبادل الأسرى، وفقا للصحيفة، في إشارة إلى موقف حماس التي تصر حاليا على عدم التفاوض إلا بعد وقف إطلاق النار بشكل كامل. وقال مستشار الأمن القومي الصهيوني السابق، مئير بن شبات، (من 2017 إلى 2021): "إن ثقة حماس ربما تكون على غير هدى، لكنها ليست بلا أساس، وأوضح أنه "بينما الظروف التي تعمل فيها قواتنا أصبحت أصعب مما كانت، فقد تحسنت الأمور لمقاتلي حماس"، وذكرت الصحيفة أنه في ظل ضغوط إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، صار الاحتلال يستخدم "قوة نارية أقل" تحضيرا لتوغلاته البرية في غزة، وهذا يعطي حماس مزيدا من الفرص للإيقاع بالجنود الصهاينة في الكمائن. وكان عضو المكتب السياسي لحماس عزت الرشق قال في بيان -الإثنين الماضي- إن قيادة الحركة تسعى "بكل قوة لوقف العدوان والمجازر على شعبنا بشكل كامل وليس مؤقتا، شعبنا يريد وقف العدوان، ولا ينتظر هدنا مؤقتة، وتهدئة مجتزأة لفترة قصيرة، يتواصل بعدها العدوان والإرهاب"، وجدد الرشق التأكيد على أنه "لا مفاوضات إلا بوقف شامل للعدوان". جاء ذلك بعدما نقلت وكالة "رويترز" عن مصدرين أمنيين مصريين أن حماس وحركة الجهاد الإسلامي "رفضتا اقتراحا مصريا بترك السيطرة على قطاع غزة مقابل وقف دائم لإطلاق النار". في المقابل، تتزايد الضغوط على حكومة بنيامين نتنياهو من قبل عائلات المحتجزين الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية في غزة، وتتعرض لانتقادات واسعة بعد أن قتل (الجيش) الصهيوني عددا منهم. وبالفعل، تم نشر نتائج التحقيق في مقتل 3 من جنوده الأسرى في غزة بنيران قواته خلال (الحرب) المستمرة على القطاع، واعترف(الجيش) الصهيوني ـ على لسان المتحدث باسمه دانيال هاغاري ـ أنه فشل في مهمة إنقاذ الأسرى في هذا الحادث، وأضاف أن قيادة (الجيش) تشعر بالمسؤولية عن مقتل الجنود الأسرى خلال محاولة فاشلة لتحريرهم. وأثناء اقتحام أحد المباني في 10 ديسمبر الجاري، سمع الجنود نداءات بالعبرية يقول أصحابها "نحن مخطوفون" و"النجدة"، لكنهم اعتقدوا أنها حيلة من مقاتلي المقاومة لإيقاعهم في كمين بالمبنى في الشجاعية شرق مدينة غزة. اعتراف بالفشل واعترف الكيان الصهيوني، أيضا، بمقتل أكثر من 500 ضابط وجندي منذ طوفان الأقصى، غير أن الرقم يبدو أكبر من هذا بكثير، ورغم ذلك فإن رئيس وزراء حكومة الكيان، بنيامين نتنياهو، يحاول إطالة العدوان حفاظا على منصبه السياسي، لأن تفكيك حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، يكاد يكون مستحيلا. هذا ملخص ما تناولته العديد من الصحف الغربية مؤخر، ومن بينها صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية التي قالت إن نتنياهو يحاول فرض فكرة (الحرب) طويلة الأمد من خلال تمسكه بما يسميه "النصر الكامل". الصحيفة نقلت عن خبراء أن الخسائر الكبيرة التي يتكبدها الاحتلال في المعارك وصعوبة القتال في مناطق حضرية والتكلفة الاقتصادية الكبيرة ستجبر سلطة الكيان على مناقشة موضوع إنهاء (الحرب) في نهاية المطاف. وفي "نيويورك تايمز" الأمريكية، تناول مقال مسألة "الشكوك المتزايدة في قدرة الاحتلال على تفكيك حماس"، وقال إن منتقدي إستراتيجية (الحرب) يرونها هدفا غير واقعي، وربما يكون مستحيلا، ونقل المقال عن محللين أن أقصى ما يمكن للاحتلال تحقيقه هو إضعاف القدرات العسكرية لحماس، وحتى هذا الهدف يتطلب جهدا كبيرا. بقاؤه مرتبط باستمرار العدوان أما صحيفة "الغارديان" البريطانية، فتناولت حديث الإعلام الإسرائيلي عن رفض نتنياهو طلبات من الموساد ووزارة الدفاع والشاباك لمناقشة خطة ما بعد (الحرب) في غزة، وقال مقال بالصحيفة إن نتنياهو ربما يرفض مناقشة هذا الأمر، لأنه يسعى للبقاء في منصبه ضمن حكومة وحدة يرتبط بقاؤها باستمرار العدوان، وأضاف المقال أن نتنياهو ربما يعتقد أن أي خطة مستقبلية تشمل وجود جهات فلسطينية في غزة يهدد حكومته الائتلافية. وتناولت صحيفة الـ "إندبندنت" الحديث عن المرحلة الثالثة من العدوان الصهيوني على غزة، والتي شملت هجمات على أكثر مناطق القطاع اكتظاظا بالسكان. وأشارت الصحيفة إلى تحذيرات وكالات الإغاثة التي تصف واقعا صعبا لا يجد فيه النازحون مكانا آمنا، إما بسبب القصف والمعارك أو بسبب الاكتظاظ الذي نتج عن نزوح نحو 85% من سكان القطاع نحو الجنوب. وقلل مقال في صحيفة هآرتس من إمكانية أن يكون الرئيس الأمريكي، جو بايدن، وسيطا فعالا للدفع نحو حل سياسي بعد (الحرب) في غزة، وتضمن المقال إشارة إلى أن بايدن قدم دعما استثنائيا للكيان وجعل الولايات المتحدة مرتبطة بأهداف العدوان الصهيوني، ما أفقده المصداقية بين الفلسطينيين وفي العالم العربي.دعمكم للإبادة الجماعية في غزة يؤكد ذلك..
نعم أنتم الأشرار أيها الغربيون
جاء في مقال كتبه الصحفي الإسرائيلي البريطاني، جوناثان كوك، أن حملة التشهير الغربية "اليائسة" للدفاع عن جرائم الاحتلال تسلط الضوء على مزيج من "الأكاذيب الضارة"، التي ظلت تشكل مرتكزا للنظام الديمقراطي الليبرالي لعقود من الزمن. وذكر الكاتب مشهدا هزليا بريطانيا دارت أحداثه إبان الحرب العالمية الثانية، يلتفت فيه ضابط نازي بالقرب من الخطوط الأمامية إلى زميل له، وفي لحظة مفاجئة وكوميدية من عدم الثقة في النفس، يتساءل: "هل نحن الأشرار؟ وقال كوك إننا وكثيرا منا "شعرنا وكأننا نعيش اللحظة ذاتها، التي امتدت لازمتنا لما يقرب من 3 أشهر رغم أنه ليس هناك ما يدعو للضحك". وأضاف أن الزعماء الغربيين لم يكتفوا، في تصريحاتهم وخطبهم، بدعم حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال على قطاع غزة فحسب، بل قدموا الغطاء الدبلوماسي والأسلحة وغير ذلك من المساعدات العسكرية. واعتبر الكاتب أن الغرب متواطئ بشكل كامل في حرب "التطهير العرقي" لنحو مليوني فلسطيني، فضلا عن قتل أكثر من 20 ألفا وجرح عشرات الآلاف، غالبيتهم من النساء والأطفال. وفي المقابل، يصر السياسيون الغربيون على "حق الكيان في الدفاع عن نفسه" مع أنه دكّ البنية التحتية في غزة، بما في ذلك المباني الحكومية، مما أدى إلى انهيار القطاع الصحي، وبدأت المجاعة والأمراض تفتك ببقية السكان. قبح وبدائية وأفعال دنيئة ووفقا للمقال، ليس هناك مكان يفر إليه فلسطينيو غزة، ولا مخبأ يعصمهم من القنابل التي تقدمها الولايات المتحدة للاحتلال، وإذا سُمح لهم بالفرار في نهاية المطاف فليس أمامهم من ملاذ سوى مصر المجاورة، التي ستكون "منفاهم" الدائم بعد عقود من النزوح من وطنهم. وبينما تحاول العواصم الغربية تبرير أفعال الاحتلال "الدنيئة" تلك، وذلك بإلقاء اللوم على حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، يسمح القادة الصهاينة لجنودهم ومليشيات المستوطنين المدعومة من الدولة باجتياح الضفة الغربية حيث لا توجد حركة حماس، ليهاجموا ويقتلوا الفلسطينيين. ويواصل كوك هجومه الشديد، قائلا إن الاحتلال يشن حربا "استعمارية بلا حياء" على النمط القديم ضد السكان الأصليين، من ذلك النوع الذي سبق وجود القانون الدولي الإنساني، بينما القادة الغربيون يهللون، ويتساءل: هل نحن على يقين بأننا لسنا الأشرار؟ ويقول إن الهجوم الصهيوني على غزة يثير اشمئزاز الكثيرين، ويكشف ما هو "بدائي وقبيح" في سلوك الغرب، الذي ظل محجوبا لأكثر من 70 عاما بمظاهر من التقدم الخادعة، بالحديث عن تغليب حقوق الإنسان، وعن تطوير المؤسسات الدولية وقواعد (الحرب)، وعن ادعاءات الإنسانية. نعم - يتابع كوك - لطالما كانت هذه الادعاءات "زائفة" دوما، وليس أدل على ذلك من الأكاذيب التي روجت للحروب في فيتنام وكوسوفو وأفغانستان والعراق وليبيا وأوكرانيا. لقد كان الهدف الحقيقي للولايات المتحدة وشركائها في حلف شمال الأطلسي (الناتو) هو "نهب" موارد الآخرين، والحفاظ على مكانة واشنطن زعيمة للعالم، وإثراء النخب الغربية، حسبما ورد في مقال الموقع البريطاني. ولكن الأهم من ذلك - برأي الصحفي الإسرائيلي البريطاني- هو أن "الخداع" كان بسرد شامل جرّ العديد من الغربيين وراءه، بادعاء أن الحروب كانت تهدف إلى التصدي لتهديد الشيوعية السوفييتية، أو "الإرهاب" الذي تم إلصاقه بالمسلمين، أو لمواجهة ما يوصف غربيا بالنزعة الاستعمارية الروسية المتجددة، كما كانت تهدف ـ حسب زعمهم ـ إلى تحرير المرأة المضطهدة، وصون حقوق الإنسان، وتعزيز الديمقراطية. حرب إبادة على التفكير النقدي ويجزم الكاتب أن هذا الغطاء السردي من جانب الغرب لتبرير أفعاله لا يجدي نفعا هذه المرة…"، فليس هناك إنسانية في قصف المدنيين المحاصرين في غزة، وتحويل سجنهم الصغير إلى أنقاض، وهو ما يذكرنا بمناطق الكوارث الزلزالية، ولكن هذه المرة كارثة من صنع الإنسان وحده". ونفى أن تكون لحماس القدرة على إرسال أي نوع من الرؤوس الحربية إلى أوروبا، مضيفا أن قطاع غزة لم يكن يوما -حتى قبل تدميره - منطلقا لإمبراطورية إسلامية تتأهب للانقضاض على الغرب وتخضعه لأحكام الشريعة الإسلامية، كما أن من "شبه المستحيل أن تشكل حركة حماس -"التي تتألف من بضعة آلاف" من المقاتلين المتمركزين في غزة ـ تهديدا حقيقا لنمط الحياة في الغرب. وبحسب المقال، فإن التشكيك بحق الكيان في إبادة الفلسطينيين في غزة، وترديد شعار يدعو الفلسطينيّين للانعتاق من ربقة الاحتلال والحصار، ومطالبتهم بحقوق متساوية للجميع في المنطقة، كلها أمور ينظر إليها الغرب والإسرائيليون على أنها من قبيل معاداة السامية. ولفت كوك إلى أن مجلس النواب البريطاني أصدر - بأغلبية ساحقة - قرارا يساوي بين معاداة الصهيونية ـ وتنطبق في هذه الحالة على من يعارض "حرب الإبادة الجماعية" التي يشنها الاحتلال على غزة ـ وبين معاداة السامية. ووصف حملة التشهير الجماعية في الغرب بأنها "مطلقة العنان"، بحيث بدأت النخب الغربية من تلقاء نفسها في لجم حرية التعبير والفكر في المؤسسات التي من المفترض أن تتمتع بحماية شديدة فيها. وخلص إلى أن قطاع غزة ليس مجرد خط مواجهة في حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال على الشعب الفلسطيني، بل أيضا خط مواجهة في حرب النخب الغربية على "قدرتنا على التفكير النقدي من أجل تطوير أساليب عيش مستدامة، والمطالبة بمعاملة الآخرين بالكرامة والإنسانية التي نتوقعها لأنفسنا"، وختم كوك قائلا: "نعم إن خطوط المعركة مرسومة، وكل من يرفض الوقوف إلى جانب الأشرار فهو العدو".الباحث في الشؤون الدولية عبد الرحمان بوثلجة لـ "الأيام نيوز":
"ضغوط داخلية وأخرى خارجية تحشر نتنياهو في الزاوية"
يرى الأستاذ والباحث في الشؤون الدولية، عبد الرحمان بوثلجة، أن حالة التخبط وعدم اليقين التي يعيشها الكيان الصهيوني وحكومة اليمين المتطرف، بقيادة وزعامة بنيامين نتنياهو ومعه عدد من حلفائه المتدينين وفي مقدمتهم وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش زعيم حزب الصهيونية الدينية ووزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، إنما هي نابعة بشكلٍ أساسي عن الصدمة التي تلقاها الاحتلال بتاريخ السابع من أكتوبر الماضي، والتي لم يتمكن بعد من استيعابها؛ فعملية "طوفان الأقصى" شكلت نقطة فارقة في تاريخ المقاومة الفلسطينية وحدثا استثنائيا لم يشهد له الكيان مثيلا، أسقطت في لمح البصر أسطورة الجيش الذي لا يقهر وأفقدته هيبته! وفي هذا الصدد، أوضح الأستاذ بوثلجة، في تصريح لـ "الأيام نيوز"، أن عجز جيش الاحتلال الإسرائيلي عن تحقيق أي إنجاز على الأرض، وفي ظل ما يتكبده من خسائر فادحة في صفوف جنوده وعتاده خلال المعارك المستمرة والمتصاعدة مع المقاومة الفلسطينية، يزيد الضغط أكثر وأكثر على نتنياهو لتغيير موقفه الرافض لوقف العدوان على قطاع غزة، هذا الموقف الذي يأتي لمواجهة تنامي التيار الرافض له والمطالب باستقالته في ظل فشله الذريع في تحقيق أي هدف من الأهداف المعلنة مع بداية العدوان الصهيوني الغاشم على غزة. في السياق ذاته، أبرز المتحدث أنه، وبعد ثلاثة أشهر من استهداف الأبرياء في قطاع غزة، وآثار الكارثة الإنسانية الواضحة في القطاع، يزداد ضغط المجتمع الدولي على حكومة نتنياهو لوقف آلة الحرب والمجازر الدامية التي يتمادى الاحتلال في ارتكابها بحق المدنيين العزل في غزة، ما أسفر عن أكثر من 21 ألف شهيد و55 ألف جريح أغلبهم من الأطفال والنساء، في جريمة حرب مكتملة الأركان. في سياق ذي صلة، أشار الخبير في الشؤون الدولية إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية الداعم رقم واحد للكيان الصهيوني تتعرض - هي الأخرى - لضغوط من دول العالم لمراجعة موقفها بشأن استمرار العدوان على غزة، وبدا ذلك واضحا وبشكل جلي حينما وجدت نفسها منعزلة خلال جلسة التصويت على قرار مجلس الأمن الذي يقضي بوقف إطلاق النار على غزة، حيث كانت الوحيدة التي استخدمت حق النقض "الفيتو" ضد القرار، في حين امتنعت بريطانيا عن التصويت. "رفضه مناقشة وبحث اليوم التالي للحرب" وأردف محدّث "الأيام نيوز" قائلا: "إن رئيس الوزراء الإسرائيلي يُواصل حربه على غزة، وهو لا يدري إلى أين يتجه ولا حتى إلى أين يريد الذهاب، بدليل رفضه وتهربه من مناقشة وبحث مسألة مستقبل غزة بعد الحرب أو ما يسمى بـ "اليوم التالي للحرب"، بسبب تزايد الضغوط الداخلية والخارجية، وعدم قدرته على مقاومة الضغوط إلى أمد بعيد، سواء تلك المتعلقة بدعوات شعوب العالم لوقف إطلاق النار، أو تلك الدول الداعمة له والتي أبدت تراجعا في مواقفها المؤيدة للعدوان، بالإضافة إلى ضغوط داخلية أبرزها مطالب أهالي الأسرى الإسرائيليين في غزة بالتوصل إلى حل يعيد ذويهم إليهم في أقرب وقت ممكن، بما في ذلك حل وقف إطلاق النار على القطاع". في سياق متصل، يعتقد الأستاذ بوثلجة أن الحديث عن مفاوضات لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى المقاومة الفلسطينية في الوقت الراهن هو فقط للاستهلاك الداخلي لإرضاء أهالي الأسرى الإسرائيليين، خاصةً أن المقاومة كانت قد أعلنت وبصفة قطعية أنه لن يكون هناك إطلاق لسراح الأسرى إلا بعد وقف تام لإطلاق النار وإنهاء العدوان الهستيري الذي يشنه الاحتلال الصهيوني على قطاع غزة منذ ما يقرب من ثلاثة أشهر. هذا، وفي حديثه عن الضغوط الأخرى التي تتعرض لها حكومة نتنياهو لوقف إطلاق النار في غزة، ذكر محدثنا الظروف المحيطة والجبهات الأخرى التي تساند المقاومة الفلسطينية، لاسيما في جنوب لبنان، بالإضافة إلى الهجومات التي تشنها قوات البحرية اليمنية على السفن الإسرائيلية أو تلك الأجنبية المتوجهة إلى موانئ الكيان الصهيوني عبر مضيق باب المندب نصرةً للقضية الفلسطينية وإسنادًا للمقاومة في قطاع غزة. وتابع قائلا: "إن هذه المعطيات تؤكد حجم الضغط المُتزايد على نتنياهو، الذي يصّر على مواصلة حربه على غزة؛ فعلى سبيل المثال، عدم انضمام بعض الدول المعروف عنها مساندتها لأمريكا للحلف الذي دعت الولايات المتحدة الأمريكية - الداعم الأول لـ"إسرائيل" - إلى تشكيله لمواجهة الحوثيين في البحر الأحمر لا يخدم (عدم الانضمام) الإستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط أو في منطقة العربية، فعدم انضمام دول كمصر والمملكة العربية السعودية إلى حلف كهذا،لا يضفي تلك الشرعية التي دائما ما تحاول أمريكا إضفاءها على حروبها في مختلف مناطق العالم، حيث تستخدم دول المنطقة لتحقيق مآربها وأهدافها، وكذلك تم تسجيل مواقف جدّ متقدمة في هذا الشأن على غرار تصريح وزير خارجية جيبوتي، الذي أكّد عدم انضمام بلاده إلى الحلف الأمريكي في البحر الأحمر لأنهم يؤيدون ما يقوم به الحوثيون عبر مضيق باب المندب نصرة للقضية الفلسطينية ودعما للمقاومة والشعب الفلسطيني في غزة". وفي هذا السياق، وفي ختام حديثه لـ "الأيام نيوز"، أوضح الخبير في الشؤون الدولية أن مثل هذه المواقف تزيد من الضغوط على أمريكا والكيان الصهيوني من أجل وقف عدوانه الهستيري والهمجي على الآمنين في بيوتهم في قطاع غزة، مؤكدا أن نتنياهو سينصاع - في نهاية المطاف - إلى شروط المقاومة وسيتم وقف هذه الحرب بطريقة معينة، وبالرغم من كل ما يتعرض له الشعب الفلسطيني في غزة من قتل ممنهج وحرب إبادة جماعية إلا أن صمود المقاومة واستبسال أبطالها على أرض الميدان، ونجاحها في إلحاق أضرار فادحة بجيش الاحتلال الإسرائيلي في صفوف جنوده وآلياته ومدرعاته، كل ذلك سوف تكون نهايته النصر المبين للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة.المحلل السياسي الفلسطيني صالح الشقباوي لـ "الأيام نيوز":
"المسيح المخلّص لبني صهيون يقود "إسرائيل" نحو الهاوية"
أبرز الأكاديمي والمحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور صالح الشقباوي، أن موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المُصّر على مواصلة العدوان الصهيوني السافر على قطاع غزة، مبني على منطلقين أساسين، الأول يتعلق بإيمانه وإيمان مسانديه بأنه هو المسيح المخلّص لبني صهيون، والمرسل من الله حتى يفك هذه الأزمة الوجودية لـ"إسرائيل"، أما المُنطلق الثاني فيتمحور حول أن أي وقف لإطلاق النار من الجانب الصهيوني سيكون بمثابة فشل ذريع للحملة الإسرائيلية على قطاع غزة، وفشل نتنياهو في تحقيق أهدافه المعلنة التي تحدث عنها مع بداية العدوان على القطاع. وفي هذا الصدد، أوضح الدكتور الشقباوي، في تصريح لـ "الأيام نيوز"، أن نتنياهو كان يُمنّي النفس من خلال عدوانه المستمر على غزة بأن يتمكن من تدمير البنية التحتية لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" وإنهاء وجودها في القطاع، والنجاح في تحرير الأسرى الذين اختطفتهم المقاومة الفلسطينية بتاريخ السابع من أكتوبر الماضي، وأيضا التمكن من تهجير الفلسطينيين من غزة إلى سيناء ومن الضفة الغربية إلى الأردن وإقامة وطن بديل، وكل هذه الأهداف فشل الاحتلال في تجسيدها وترجمتها على أرض الواقع. في السياق ذاته، أشار محدّثنا إلى أن الحملة الصهيونية قد فشلت ومُنيت بهزيمةٍ نكراء على أيدي المقاومة الفلسطينية، بدليل المعارك الضارية التي تخوضها المقاومة في خانيونس والتي زج فيها الاحتلال بسبعة ألوية، كان آخرها لواء المظليين، ما يعني أن هناك أكثر من 35 ألف جندي إسرائيلي من النخبة ومعهم أكثر من 400 دبابة على مساحة لا تزيد عن 20 كيلومترا، ما يؤكد حجم الإرباك الذي يعيشه جيش الاحتلال الإسرائيلي. وأردف قائلا: "إن نتنياهو يريد أن يتفرد بالقرار ويقود "إسرائيل" إلى الهاوية ظنًا منه أنه سينتصر وسيسحق المقاومة الفلسطينية في غزة، إلا أن كل المعطيات على الأرض تؤكد بما لا يدع مجالا للشك بأنه فشله فشلا ذريعا وأنه يجر ذيول هزيمته وراءه، بعدما حققت المقاومة الفلسطينية نصرا تاريخيا ماحقا ومؤزرا على هذا الجيش الصهيوني الذي كان يعتقد أنه لا مجال لهزيمته ودحره". وفي حديثه عن تراجع نتنياهو عن موقفه فيما يخص حل الدولتين، أوضح المحلل السياسي الفلسطيني أن مواقف اليمين الصهيوني المتطرف، الذي يقوده بن غفير ونتنياهو، يرفض رفضا قاطعا وانطلاقا من مبادئه الأيديولوجية والتلمودية والتوراتية حل الدولتين، حيث يعتقدون أن هذه الأرض هي أرض لشعب واحد هو شعب "إسرائيل"، وأن الفلسطينيين دخلاء عن هذه الأرض وهم محتلون لها، وبالتالي يجب - حسب توراتهم - التخلص من هذا العرق وليس فقط التخلص من فكرة حل الدولتين. خِتامًا، يعتقد الدكتور الشقباوي جازمًا أن حل الدولتين سوف يعود وبقوة بعد هزيمة نتنياهو وذهابه إلى مزبلة التاريخ، حيث سيولد من رحم هذا اليمين الصهيوني المتطرف تيارا يؤمن بالسلام ويمد يده للشعب الفلسطيني ليصنع حل الدولتين، مؤكدا - في السياق ذاته - أن المقاومة الفلسطينية ستنجح في فرض رؤيتها وإرادتها وشروطها على الجانب الصهيوني بعد تمكنها من هزيمته يوم السابع أكتوبر الماضي، هذه الهزيمة التي تمتد وتتدحرج إلى يومنا الحالي، بعد 86 يومًا كاملاً من العدوان الجائر لم يستطع هذا الاحتلال المستبد حقيقةً من أن يقضي على حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، ولا حتى تحرير أسير واحد فقط لدى المقاومة، ولا أن ينجح في تهجير الشعب الفلسطيني من فوق أرضه في قطاع غزة، كل ما تمكن جيش الاحتلال من فعله هو القتل واستهداف الأطفال والنساء وقصف البيوت على رؤوس أصحابها لا أكثر ولا أقل!قناعته أنّ العرب لن يقبلوا بـ "إسرائيل" إلاّ بالقوّة..
نتنياهو والسّعي المحموم إلى تحقيق أي انتصار !
وليد عبد الحي - كاتب وباحث أكاديمي أردني في كلّ قرار سياسي هناك ثلاثة جوانب أساسية هي: القواعد القانونية التي تحدّد الاختصاصات لمؤسّسات صنع القرار، وشخصيّة متّخذ القرار، ثمّ توجّهات الرّأي العام المحلّي بشكل رئيس، وأزعم أنّ القرار السّياسي الإسرائيلي هو قرار في محصّلته النهائيّة قرار مؤسّسي، يلتزم صنّاع القرار فيه بالقواعد بقدر عالٍ نسبيّا ويعطون اهتماما لتوجّهات الرّأي العام خوفا على نتائج الانتخابات الدّورية. وأود أن أتوقّف عند هذه الأبعاد الثّلاثة لتحديد الخيارات أمام الحكومة الإسرائيلية، في ظلّ الحرب على غزة، وعمليّة "طوفان الأقصى":-
شخصية نتنياهو: لقد سبق لي أن نشرت دراسة أكاديمية مطوّلة عن شخصيّة نتنياهو مستفيدا من مناهج التّحليل في علم النّفس السّياسي، وخلصت إلى أنّ شخصيّته العامّة تتّسم بالعدوانية والنّرجسية والبرغماتيّة وعدم المصداقية والمراوغة. أمّا عن موقفه في الصّراع العربي - الصّهيوني، فهو يختزن كراهية عميقة للعرب ويقوم منظوره الدّيني والسّياسي في الموضوع الفلسطيني على حقّ اليهود في العودة، وفي إقامة الدّولة اليهوديّة الخالصة، كما أنّه يستبعد أن ينتهي العداء العربي لـ "إسرائيل" في الجيل الحالي، ويعتقد جازما أنّ العرب لن يقبلوا بـ "إسرائيل" إلاّ بالقوّة.
-
ثمّة شقاق وتوازنات قلقة في بنية المؤسّسة السياسية التي يقودها، فالوزارة الإسرائيلية الحالية تضمّ ائتلافا غير متناغم رغم السّمة اليمينيّة له، وهو ما يجعل نتنياهو يخضع لابتزاز القوى المشاركة معه في الحكومة، وهو ما لا يريده.
اتجاهات الرّأي العام الإسرائيلي تلعب دورا في توظيف نتنياهو لنزعته الميكافيليّة لضمان حصاد انتخابي أكبر من ناحية وتغييب ملفّاته التي تمثّل سيف ديموقليس فوق رأسه.
-
أوّلا: يتراوح معدّل تأييد الشّارع الإسرائيلي لإدارة نتنياهو للمعركة وملابساتها السّياسية ما بين 25-39 بالمائة (حسب الاستطلاع)، وهو ما يعني أنّ نتنياهو سيسعى إلى تحقيق أيّة نتائج ميدانية لتغيير هذه النّسبة التي لا تؤهّله للاحتفاظ بمركزه ودوره، وبخاصّة قلقه من الخيط الرّفيع المعلّق فيه سيف ديموقليس، مثل احتمال العودة للصّراع حول التّعديلات القضائية وتُهم الفساد السّابقة إلى جانب اتهامات بالتّقصير في الأخذ بالتّحذيرات من جهات مختلفة بأنّ المقاومة تستعدّ لفعل أمني كبير والقيام بإتلاف هذه التّقارير.
ثانيا: تدلّ الاستطلاعات على أنّ 45 بالمائة من الجمهور الإسرائيلي يريدون تفاوضا مع المقاومة حول الرّهائن "دون وقف إطلاق النّار"، بينما يريد 40 بالمائة تفاوضا مع وقف إطلاق النّار، وهو ما يعني توازنا إلى حدّ ما، وهو ما جعل نتنياهو يجد حلّا بأن يقبل "هدنة مؤقّتة" يتمّ خلالها التّبادل، وهو ما يعني موقفا براغماتيا بين الرّافض لوقف إطلاق النّار وبين من يقبلون به.
ثالثا: ازدادت التّصريحات من نتنياهو ضدّ السّلطة الفلسطينية، لاسيما في الأيّام الأخيرة، ويبدو أنّ سبب ذلك هو:
أ- تزايد الاضطراب في الضفّة الغربيّة ممّا اعتبره نتنياهو قصورا في أداء سلطة التّنسيق الأمني لوظيفتها، فهدّد بقطع الأموال عنها، فقفزت أرامل أوسلو لتطالب "بمحاسبة حماس"، وهو ما يريده الجمهور الإسرائيلي.
ب- انخفاض نسبة التّأييد بين الإسرائيليين للتّفاوض مع السّلطة الفلسطينية من 47.6 بالمائة إلى 24.5 بالمائة، ممّا جعله يحاول التّناغم مع الرّأي العام السّائد بين الإسرائيليين.
ت- اتساع قاعدة التأييد للمقاومة بين سكان الضفة الغربية والتي وصلت إلى 72 بالمائة.
رابعا: يطالب 57.5 بالمائة من الإسرائيليين بمزيد من الضّغط العسكري على غزّة، بينما 36.6 بالمائة يرون أنّ القوّة المستخدمة حاليا كافية، ولعلّ استمراره في ضرب الأهداف المدنية يتوافق مع مسألتين هما:
أ- أنّ الحالة النّفسية للمجتمع الإسرائيلي بقياس مؤشّرات ثلاثة أبعاد (القلق - التّوتر -الحزن) تدلّ على ارتفاع واضح من 2006 (الخروج من جنوب لبنان) إلى طوفان الأقصى 2023، فقد ارتفعت المؤشّرات الثلاثة من 35 بالمائة إلى 60 بالمائة، وهو أمر يدفع بنتنياهو إلى مزيد من الضّغط على المدنيين الفلسطينيين من زاوية جعل آلام الغزيين متنفّسا لمكبوتات المجتمع الإسرائيلي، فرؤية الخصم يتألّم يشكّل ميكانيزميا سيكولوجيا لتفريغ المكبوتات المسبّبة للحزن والقلق والتّوتر.
ب- أنّ فشله في التّهجير القسري، وتصاعد الخسائر البشرية بين قوّاته، والضّغوط الشّعبية عليه لفشله في تحقيق إعادة الرّهائن أو حتى لواحد منهم، إضافة إلى أنّ استمرار المقاومة في نشاطها وقصف المدن الإسرائيلية وبخاصّة من شمال القطاع الذي وعد بتطهيره، ناهيك عن تقارير دبلوماسية من العواصم الدّولية بالزّيادة المضطّردة في تشوّه الصّورة الإسرائيلية في الذّهن العالمي، مضافا إلى ذلك التّباين النّسبي مع الولايات المتّحدة في بعض الجوانب وبخاصة في موضوع المدنيين. كلّ ذلك يجعل قراراته في هذا الصّدد مرتبكة لأنّه "رغم ذكائه" فإنّ نرجسيتيه تلحّ عليه من زاوية مقابلة، وهو ما يفسّر الارتباك في مواقفه، فهو يعيش ثنائيّة النّرجسية والثّقة العالية في النّفس من ناحية وانجازات متواضعة حتّى الآن قياسا لوعوده، بخاصّة بعد تزايد أضرار حصار أنصار الله من اليمن واشتداد نسبي لهجمات المقاومة الإسلامية في لبنان وبعض العمليّات من الحشد الشّعبي في العراق.
خامسا: يواجه نتنياهو موقفا مجتمعيا لا يتّسق مع توجّهات المجتمع الدّولي الذي يطالب بحلّ الدّولتين (الأمم المتّحدة التي تواترت انتقادات أمينها العام له، وموافقة كل القوى القطبية على حل الدّولتين، وأغلب أعضاء الجمعية العامة للأمم المتّحدة)، بينما يواجه مجتمعا 65 بالمائة منه لا يؤمن بحل الدّولتين، و74 بالمائة منهم يستبعدون أيّ سلام مع الفلسطينيين، و77 بالمائة من أعضاء الأحزاب المتآلفة مع نتنياهو تطالب بضمّ الضفّة الغربية واستمرار الاستيطان فيها، وبإقامة دولة واحدة يُحرم الفلسطينيون فيها من امتيازات المواطنة.
شبح الانهيار المفاجئ يتسلّل إلى قادة الاحتلال وأمريكا..
كيف سيخرج الاحتلال من نفق غزّة المظلم؟
بقلم: حازم عياد - باحث سياسي أردني "مقاتلو حماس لديهم تفوّق على الجيش في القطاع"، ليست كلمة عابرة أو زلّة لسان صادرة عن مسؤول أمني سابق، بل حقيقة لم يكن المدير السّابق لجهاز الموساد، يوسي كوهين، الوحيد الذي عبّر عنها، إذ سبقه إلى ذلك رئيس الأركان، داني حالوتس، رئيس الأركان السّابق، عندما أكّد أنّ حماس انتصرت، وأنّ صورة النّصر الوحيد الممكن تحقيقه "إسرائيليا" هو الإطاحة بنتنياهو، متّفقا بذلك مع رئيس الوزراء الأسبق، إيهود أولمرت. رغم ذلك، فإنّ يوسي كوهين قدّم مقاربة مختلفة عن حالوتس وأولمرت؛ بالقول: "نحن بحاجة إلى بناء نوع من التّحالف العربي ومن ثمّ التّحالف الدّولي الأوسع، الذي سيتحمّل المسؤولية"، في إشارة منه إلى اليوم التّالي للحرب التي ربط نهايتها بإطلاق سراح الأسرى. كوهين يبحث عن مخرج يسمح بنقل الأعباء إلى الدّول العربية وأطراف دوليّة، مستنسخا نموذج أوسلو في التّنسيق الأمني والاقتحامات للأحياء والمدن الفلسطينية في الضفّة الغربيّة، لكن بغطاء وإدارة مدنية دوليّة وإقليمية كبديل للإدارة الفلسطينية في رام الله، التي لا تحظى بقبول أقطاب اليمين، كسموتريتش وبن غفير. العقل الصّهيوني لم يتقبّل بعد الهزيمة والفشل؛ إذ لا يزال يفكّر من داخل الصّندوق الذي أنتج الفشل والانهيار المتسارع للنّفوذ الأمريكي في أفغانستان وفيتنام، بعد أن تعلّقت واشنطن بأوهام نجاح حكومة أشرف غني في أفغانستان، والجيش الذي كلّفها 80 مليار دولار في مواجهة حركة طالبان، ومن قبلها الأوهام حول حكومة "نجوين فان ثيو" في سايغون، وجيش فيتنام الجنوبية الذي قارب مليون مقاتل، للسّيطرة والتحكّم بالبلاد بعد انسحابها، مرفقا بوعود أمريكية بدعم فيتنام وأفغانستان، عبر غارات وهجمات بين الحين والآخر من قواعدها القريبة في المنطقة. قادة الكيان الإسرائيلي يظنّون أنهم أذكى من الأمريكان؛ لذلك يقترحون وعلى نحو حالم إشراك الدّول العربية، وعلى رأسها الإمارات العربية ومصر والمملكة العربية السّعودية، بل والصّين واليابان، في إدارة قطاع غزّة، بشرط السّماح لجيش الاحتلال بشنّ هجمات داخل القطاع لتحييد المخاطر بين الحين والآخر. خطّة هي الأغبى في التّاريخ والأكثر تعبيرا عن المأزق الأمني والسّياسي الذي يعاني منه الاحتلال؛ فأوهام يوسي كوهين سرعان ما بدّدتها تصريحات مسؤول أمريكي لصحيفة "إسرائيل هيوم" قال فيها: إنّ احتمال قبول إحدى الدّول العربية المسؤولية عن إدارة قطاع غزّة هو صفر، لتتبدّد أوهام كوهين وتتلاشى سريعا. وللخروج من الغرق في التّصريحات والرّؤى المتعارضة للمسؤولين الإسرائيليين الحاليين والسّابقين، أوفدت إدارة بايدن - بدورها وللمرّة الخامسة خلال شهرين - وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن للأراضي المحتلّة، للقاء قادة الاحتلال الإسرائيلي، ومناقشة المخرج الأمثل من الحرب، بعد أن تعالت أصواتهم وخرجت خلافاتهم إلى العلن، موحية بقرب نضوج المشهد الدّاخلي في الكيان للوصول إلى وقف حقيقي لإطلاق النّار. فزيارة وزير الشّؤون الإستراتيجية الإسرائيلي، رون دريمر، إلى واشنطن ولقائه مع مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، لم تحسم الصّورة النّهائية للمشهد داخل الكيان، بقدر ما كشفت عن الخلافات وتباين الرّؤى، بعد أن شكّك اثنان من المستشارين السّابقين للأمن القومي في دولة الاحتلال، عبر صفحات "نيويورك تايمز" و"وول ستريت جورنال"، بصحّة الرّؤية التي يسعى نتنياهو لترويجها في أمريكا، عبر وزيره دريمر حول الحرب وما بعدها في قطاع غزة. لمواجهة زيارة أنتوني بلينكن للكيان الإسرائيلي، سارع مجلس وزراء الحرب المتشكّل من نتنياهو ووزير الحرب غالانت ووزيري الدّولة من المعارضة، بيني غانتس وغادي إيزينكوت، للإعلان - وللمرّة الأولى - بدء النّقاش لمرحلة ما بعد الحرب في قطاع غزّة، إذ بات استحقاقا ضروريا للوصول إلى وقف إطلاق للنّار في قطاع غزّة، وهو الملف الأهم من وجهة نظر أمريكية، في ظلّ حالة الانسداد السّياسي والعسكري التي تفاقمها مواقف اليمين الفاشي التي عبّر عنها وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، بالقول: إنّ "مناقشة ما بعد الحرب ليس من مسؤوليات حكومة الحرب الطوارئ، وإنّما من مسؤوليات الحكومة المصغّرة، التي يعدّ عضوا فيها"، وهي تصريحات تزيد من صعوبة ومهمّة أنتوني بلينكن. الشّلل المتولّد عن الخلافات في الرّؤى يوحي بإمكانية انهيار حكومة الائتلاف وانفجارها من الدّاخل، بعد أن ارتفع صوت زعيم حزب شاس الدّيني أرييه درعي، مهدّدا بانهيار الحكومة والائتلاف الحاكم، في حال أصرّ شريكه في الائتلاف، بن غفير، على إقالة مدير الشّرطة يعقوب شبتاي ورئيسة مصلحة السّجون كاثي بيري. ختاما، الكيان الإسرائيلي بات مأزوما متخبّطا عاجزا عن تحديد خطّة عمل، في وقت يعاني جيشه من خسائر فادحة وحالة انهيار في الميدان لم يعد قادرا على إخفائها؛ ما يعني أنّ شبح الانهيار المفاجئ بات عاملا ضاغطا، يجعل من تجرّع الاحتلال لوقف إطلاق النّار دواء مرّا بعد أن كان سُمّا قاتلا؛ فهو الخيار الوحيد الممكن والسّيناريو الأكثر واقعية لإطلاق سراح الأسرى، مع مفاوضات تتّسع لتشمل إعادة هندسة الواقع في الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة، وفقا للحقائق التي صنعتها المقاومة وعمليّة طوفان الأقصى.مجازر بشعة اقترفها اليهود بحقّ الفلسطينيين..
هولوكوست غزّة والنّازيّون الجدد!
بقلم: الدكتور عبدالله المَشوخي - أكاديمي فلسطيني تعني الكلمة اليونانية "هولوكوست" "الكل" أو "محروق" أو "شواء" وبالعبرية تعني "هشواء" أي الكارثة أو إبادة جماعية، ويقصد بها الإبادة الجماعية التي تعرض لها يهود ألمانيا على يد النازيين في ألمانيا في الفترة الممتدة بين 1933 و1945، حيث قتل خلالها عدد كبير من اليهود. استطاع اليهود استغلال هذه الكارثة التي حلّت بهم استغلالا كبيرا، ومن أجل تسويقها وتخليدها أنشأوا لها عدّة متاحف وصنعوا من أجلها أفلاما عدّة تجسّد معاناتهم وآلامهم وما حلّ بهم من مصائب مروّعة، وألّفوا حولها كتبا وقصصا وروايات، وأدخلوا نائبتهم بعد أن ضخّموها ضمن المناهج الدّراسية في عديد من دول العالم، لاسيما الدّول الغربية، ونسجوا حولها القصص الخيالية والروايات العديدة بهدف بيان مظلوميتهم وما تعرضوا له من جور واضطهاد. كلّ ذلك من أجل استدرار عطف العالم عليهم والوقوف بجانبهم ومساعدتهم، ونتيجة لهذا الزخم الإعلامي التعبوي تعاطف الجميع مع اليهود، وأصبح ذكر هذا المصطلح (الهولوكوست) يعني تأييد اليهود والتّعاطف معهم والدفاع عنهم ومعاداة ومعاقبة كل من يشذ عن ذلك، بل إنّ مجرّد التّقليل من حجم هذه الكارثة يعرّض صاحبها للعقاب الشّديد ويصبح من المنبوذين كما حدث للمفكر والفيلسوف الفرنسي، روجيه جارودي، وكذلك مصير كل من ينتقد اليهود، فسيعاقب تحت ذريعة "معاداة السّامية". ووفق القوانين الغربية، يسمح لكلّ إنسان انتقاد كلّ شيء بما في ذلك طعن الأنبياء والكتب المقدّسة إلى غير ذلك بينما يمنع منعا باتّا نقد جرائم اليهود أو التّشكيك بالهولوكوست أو ذكر أسباب معاداة النّازيين لليهود، والتي ذكرها أحد حاخاماتهم، الحاخام "يارون روثين"، حيث لخّص أسباب معاداة النّازيين لليهود بسبب خيانة اليهود للألمان ووقوفهم بجانب أعداء ألمانيا مما تسبّبوا بهزيمة الألمان في الحرب العالمية الأولى؛ لهذا أصدر هتلر قانونين - وفق قول الحاخام اليهودي روثين:-
القانون الأول: منع الأنشطة والشّذوذ الجنسي وجميع القاذورات في ألمانيا والتي روّجها اليهود حيث كانت برلين شبيهة بقرية قوم لوط بارتكاب الفاحشة، كما قام هتلر بإغلاق جميع البارات ونوادي المثليين والتي يدير جميعها اليهود.
القانون الثّاني: منع تحصيل الرّبا الذي فرضه اليهود على النّاس وسبّب لهم إفلاسا ودمّر اقتصاد ألمانيا.